Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 18-22)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه لا أحد { أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } ويدخل في هذا كل من كذب على الله ، بنسبة الشريك له ، أو وصفه بما لا يليق بجلاله ، أو الإخبار عنه ، بما لم يقل ، أو ادعاء النبوة ، أو غير ذلك من الكذب على الله ، فهؤلاء أعظم الناس ظلماً { أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } ليجازيهم بظلمهم ، فعندما يحكم عليهم بالعقاب الشديد { يَقُولُ ٱلأَشْهَادُ } أي : الذين شهدوا عليهم بافترائهم وكذبهم : { هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } أي : لعنة لا تنقطع ، لأن ظلمهم صار وصفاً لهم ملازماً ، لا يقبل التخفيف . ثم وصف ظلمهم فقال : { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } فصدوا بأنفسهم عن سبيل الله ، وهي سبيل الرسل التي دعوا الناس إليها ، وصدوا غيرهم عنها ، فصاروا أئمة يدعون إلى النار . { وَيَبْغُونَهَا } أي : سبيل الله { عِوَجاً } أي : يجتهدون في ميلها ، وتشيينها ، وتهجينها ، لتصير عند الناس غير مستقيمة ، فيحسنون الباطل ويقبحون الحق ، قبحهم الله { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } . { أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ } أي : ليسوا فائتين الله ، لأنهم تحت قبضته وفي سلطانه . { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ } فيدفعون عنهم المكروه ، أو يحصلون لهم ما ينفعهم ، بل تقطعت بهم الأسباب . { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ } أي : يغلظ ويزداد ، لأنهم ضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرهم . { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } أي : من بغضهم للحق ونفورهم عنه ، ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا آيات الله سماعاً ينتفعون به { فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } [ المدثر : 49 - 51 ] { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } أي ينظرون نظر عبرة وتفكر ، فيما ينفعهم ، وإنما هم كالصم البكم الذين لا يعقلون . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } حيث فوتوها أعظم الثواب ، واستحقوا أشد العذاب ، { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي : اضمحل دينهم الذي يدعون إليه ويحسنونه ، ولم تغن عنهم آلهتهم التي يعبدون من دون الله لما جاء أمر ربك . { لاَ جَرَمَ } أي : حقاً وصدقاً { أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } حصر الخسار فيهم ، بل جعل لهم منه أشده ، لشدة حسرتهم وحرمانهم وما يعانون من المشقة والعذاب ، نستجير بالله من حالهم . ولما ذكر حال الأشقياء ، ذكر أوصاف السعداء وما لهم عند الله من الثواب فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ … } .