Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-4)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : هذا { كِتَابٌ } عظيم ، ونزل كريم ، { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } أي : أتقنت وأحسنت ، صادقة أخبارها ، عادلة أوامرها ونواهيها ، فصيحة ألفاظه بهية معانيه . { ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي : ميزت وبينت بياناً في أعلى أنواع البيان ، { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ } يضع الأشياء مواضعها ، وينزلها منازلها ، لا يأمر ولا ينهى إلا بما تقتضيه حكمته ، { خَبِيرٍ } مطلع على الظواهر والبواطن . فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير ، فلا تسأل بعد هذا عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة وسعة الرحمة . وإنما أنزل الله كتابه لـ { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي : لأجل إخلاص الدين كلّه لله ، وأن لا يشرك به أحد من خلقه . { إِنَّنِي لَكُمْ } أيها الناس { مِّنْهُ } أي : من الله ربكم { نَذِيرٌ } لمن تجرأ على المعاصي بعقاب الدنيا والآخرة ، { وَبَشِيرٌ } للمطيعين لله بثواب الدنيا والآخرة . { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } عن ما صدر منكم من الذنوب { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } فيما تستقبلون من أعماركم بالرجوع إليه ، بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه . ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال : { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } أي : يعطيكم من رزقه ما تتمتعون به وتنتفعون . { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي : إلى وقت وفاتكم { وَيُؤْتِ } منكم { كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } أي : يعطي أهل الإحسان والبر من فضله وبره ، ما هو جزاء لإحسانهم ، من حصول ما يحبون ، ودفع ما يكرهون . { وَإِن تَوَلَّوْاْ } عن ما دعوتكم إليه ، بل أعرضتم عنه ، وربما كذبتم به { فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين ، فيجازيهم بأعمالهم ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر . وفي قوله : { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } كالدليل على إحياء الله الموتى ، فإنه قدير على كل شيء ، ومن جملة الأشياء إحياء الموتى ، وقد أخبر بذلك وهو أصدق القائلين ، فيجب وقوع ذلك عقلاً ونقلاً .