Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 7-8)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه { خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة { وَ } حين خلق السماوات والأرض { كَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } فوق السماء السابعة . فبعد أن خلق السماوات والأرض استوى عليه ، يدبر الأمور ، ويصرفها كيف شاء من الأحكام القدرية ، والأحكام الشرعية . ولهذا قال : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } أي : ليمتحنكم ، إذ خلق لكم ما في السماوات والأرض بأمره ونهيه ، فينظر أيكم أحسن عملاً . قال الفضيل بن عياض رحمه الله : " أخلصه وأصوبه " . قيل يا أبا علي : " ما أخلصه وأصوبه " ؟ . فقال : إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً ، لم يقبل . وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل ، حتى يكون خالصاً صواباً . والخالص : أن يكون لوجه الله ، والصواب : أن يكون متبعاً فيه الشرع والسنة ، وهذا كما قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] . وقال تعالى : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً } [ الطلاق : 12 ] فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ومعرفته بأسمائه وصفاته ، وأمرهم بذلك ، فمن انقاد ، وأدى ما أمر به ، فهو من المفلحين ، ومن أعرض عن ذلك ، فأولئك هم الخاسرون ، ولا بد أن يجمعهم في دار يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم . ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء ، فقال : { وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } . أي : ولئن قلت لهؤلاء وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ، لم يصدقوك ، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به ، وقالوا : { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ألا وهو الحق المبين . { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } أي : إلى وقت مقدر فتباطؤوه ، لقالوا من جهلهم وظلمهم { مَا يَحْبِسُهُ } ومضمون هذا تكذيبهم به ، فإنهم يستدلون بعدم وقوعه بهم عاجلاً على كذب الرسول المخبر بوقوع العذاب ، فما أبعد هذا الاستدلال ! ! { أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ } العذاب { لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ } فيتمكنون من النظر في أمرهم . { وَحَاقَ بِهِم } أي : نزل { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } من العذاب ، حيث تهاونوا به ، حتى جزموا بكذب من جاء به .