Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 15-18)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : لما ذهب إخوة يوسف بيوسف بعد ما أذن له أبوه ، وعزموا على أن يجعلوه في غيابة الجب ، كما قال قائلهم السابق ذكره ، وكانوا قادرين على ما أجمعوا عليه ، فنفذوا فيه قدرتهم ، وألقوه في الجب ، ثم إن الله لطف به بأن أوحى إليه وهو في تلك الحال الحرجة ، { لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي : سيكون منك معاتبة لهم ، وإخبار عن أمرهم هذا ، وهم لا يشعرون بذلك الأمر ، ففيه بشارة له ، بأنه سينجو مما وقع فيه ، وأن الله سيجمعه بأهله وإخوته على وجه العز والتمكين له في الأرض . { وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } ليكون إتيانهم متأخراً عن عادتهم ، وبكاؤهم دليلاً لهم ، وقرينة على صدقهم ، فقالوا - متعذرين بِعُذر كاذب - ، { يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ } إما على الأقدام ، أو بالرمي والنضال ، { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا } توفيراً له وراحة ، { فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ } في حال غيبتنا عنه في استباقنا { وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } أي : تعذرنا بهذا العذر ، والظاهر أنك لا تصدقنا لما في قلبك من الحزن على يوسف ، والرقة الشديدة عليه . ولكن عدم تصديقك إيانا ، لا يمنعنا أن نعتذر بالعذر الحقيقي ، وكل هذا تأكيد لعذرهم ، { وَ } مما أكدوا به قولهم ، أنهم { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } زعموا أنه دم يوسف حين أكله الذئب ، فلم يصدقهم أبوهم بذلك ، و { قَالَ } : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } أي : زينت لكم أنفسكم أمراً قبيحاً في التفريق بيني وبينه ، لأنه رأى من القرائن والأحوال [ ومن رؤيا يوسف التي قصَّها عليه ] ما دلّه على ما قال . { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } أي : أما أنا فوظيفتي سأحرص على القيام بها ، وهي أني أصبر على هذه المحنة صبراً جميلاً ، سالماً من السخط والتَّشكِّي إلى الخلق ، وأستعين الله على ذلك ، لا على حولي وقوتي ، فوعد من نفسه هذا الأمر وشكى إلى خالقه في قوله : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } [ يوسف : 86 ] لأن الشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر الجميل ، لأن النبي إذا وعد وفى .