Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 21-21)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر الله تعالى ، أنه أطلع الناس على حال أهل الكهف ، وذلك - والله أعلم - بعدما استيقظوا ، وبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاماً ، وأمروه بالاستخفاء والإخفاء ، فأراد الله أمراً فيه صلاح للناس ، وزيادة أجر لهم ، وهو أن الناس رأوا منهم آية من آيات الله ، المشاهدة بالعيان ، على أن وعد الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا بُعْد ، بعدما كانوا يتنازعون بينهم أمرهم ، فمن مثبت للوعد والجزاء ، ومن ناف لذلك ، فجعل قصتهم زيادة بصيرة ويقين للمؤمنين ، وحجة على الجاحدين ، وصار لهم أجر هذه القضية ، وشهر الله أمرهم ، ورفع قدرهم حتى عظمهم الذين اطلعوا عليهم . و { فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً } الله أعلم بحالهم ومآلهم ، وقال من غلب على أمرهم ، وهم الذين لهم الأمر : { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } أي : نعبد الله تعالى فيه ، ونتذكر به أحوالهم ، وما جرى لهم ، وهذه الحالة محظورة ، نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، وذم فاعليها ، ولا يدل ذكرها هنا على عدم ذمها ، فإن السياق في شأن تعظيم أهل الكهف والثناء عليهم ، وأن هؤلاء وصلت بهم الحال إلى أن قالوا : ابنوا عليهم مسجداً ، بعد خوف أهل الكهف الشديد من قومهم ، وحذرهم من الاطلاع عليهم ، فوصلت الحال إلى ما ترى . وفي هذه القصة ، دليل على أن من فرَّ بدينه من الفتن سلمه الله منها . وأن من حرص على العافية عافاه الله ومن أوى إلى الله ، آواه الله ، وجعله هداية لغيره ، ومن تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته ، كان آخر أمره وعاقبته العز العظيم من حيث لا يحتسب { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } [ آل عمران : 198 ] .