Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 51-53)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : واذكر في هذا القرآن العظيم موسى بن عمران ، على وجه التبجيل له والتعظيم ، والتعريف بمقامه الكريم ، وأخلاقه الكاملة ، { إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً } قرئ بفتح اللام ، على معنى أن الله تعالى اختاره واستخلصه ، واصطفاه على العالمين . وقرئ بكسرها ، على معنى أنه مخلص لله تعالى ، في جميع أعماله ، وأقواله ، ونياته ، فوصفه الإخلاص في جميع أحواله ، والمعنيان متلازمان ، فإن الله أخلصه لإخلاصه ، وإخلاصه موجب لاستخلاصه ، وأجل حالة يوصف بها العبد ، الإخلاص منه ، والاستخلاص من ربه ، { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } أي : جمع الله له بين الرسالة والنبوة ، فالرسالة تقتضي تبليغ كلام المرسل ، وتبليغ جميع ما جاء به من الشرع ، دقه وجله . والنبوة تقتضي إيحاء الله إليه وتخصيصه بإنزال الوحي إليه ، فالنبوة بينه وبين ربه ، والرسالة بينه وبين الخلق ، بل خصه الله من أنواع الوحي ، بأجل أنواعه وأفضلها ، وهو : تكليمه تعالى وتقريبه مناجياً لله تعالى ، وبهذا اختص من بين الأنبياء ، بأنه كليم الرحمن ، ولهذا قال : { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ } أي : الأيمن من موسى في وقت مسيره ، أو الأيمن ، أي : الأبرك من الْيُمْنِ والبركة . ويدل على هذا المعنى قوله تعالى : { أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } [ النمل : 8 ] { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } والفرق بين النداء والنجاء ، أن النداء هو الصوت الرفيع ، والنجاء ما دون ذلك ، وفي هذه إثبات الكلام لله تعالى وأنواعه ، من النداء ، والنجاء ، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، خلافاً لمن أنكر ذلك ، من الجهمية ، والمعتزلة ، ومن نحا نحوهم . وقوله : { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً } هذا من أكبر فضائل موسى وإحسانه ، ونصحه لأخيه هارون ، أنه سأل ربه أن يشركه في أمره ، وأن يجعله رسولاً مثله ، فاستجاب الله له ذلك ، ووهب له من رحمته أخاه هارون نبياً . فنبوة هارون تابعة لنبوة موسى عليهما السلام ، فساعده على أمره ، وأعانه عليه .