Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 77-82)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : أفلا تتعجب من حالة هذا الكافر ، الذي جمع بين كفره بآيات الله ودعواه الكبيرة ، أنه سيؤتَى في الآخرة مالاً وولداً ، أي : يكون من أهل الجنة ، هذا من أعجب الأمور ، فلو كان مؤمناً بالله وادعى هذه الدعوى ، لسهل الأمر . وهذه الآية - وإن كانت نازلة في كافر معين - فإنها تشمل كل كافر ، زعم أنه على الحق ، وأنه من أهل الجنة ، قال الله توبيخاً له وتكذيباً : { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } أي : أحاط علمه بالغيب ، حتى علم ما يكون ، وأن من جملة ما يكون ، أنه يؤتى يوم القيامة مالاً وولداً ؟ { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } أنه نائل ما قاله ، أي : لم يكن شيء من ذلك ، فعلم أنه مُتَقوِّلٌ ، قائل ما لا علم له به . وهذا التقسيم والترديد ، في غاية ما يكون من الإلزام وإقامة الحجة فإن الذي يزعم أنه حاصل له خير عند الله في الآخرة ، لا يخلو : إما أن يكون قوله صادراً عن علم بالغيوب المستقبلة ، وقد علم أن هذا لله وحده ، فلا أحد يعلم شيئاً من المستقبلات الغيبية ، إلا من أطلعه الله عليه من رسله . وإما أن يكون متخذاً عهداً عند الله ، بالإيمان به ، واتباع رسله ، الذين عهد الله لأهله ، وأوزع أنهم أهل الآخرة ، والناجون الفائزون . فإذا انتفى هذان الأمران ، علم بذلك بطلان الدعوى ، ولهذا قال تعالى : { كَلاَّ } أي : ليس الأمر كما زعم ، فليس للقائل اطلاع على الغيب ، لأنه كافر ، ليس عنده من علم الرسائل شيء ، ولا اتخذ عند الرحمن عهداً ، لكفره وعدم إيمانه ، ولكنه يستحق ضد ما تَقَوَّلَه ، وأن قوله مكتوب محفوظ ، ليجازى عليه ويعاقب ، ولهذا قال : { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } أي : نزيده من أنواع العقوبات ، كما ازداد من الغي والضلال ، { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } أي : نرثه ماله وولده ، فينتقل من الدنيا فرداً ، بلا مال ولا أهل ولا أنصار ولا أعوان { وَيَأْتِينَا فَرْداً } فيرى من وخيم العذاب وأليم العقاب ، ما هو جزاء أمثاله من الظالمين .