Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 196-196)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يستدل بقوله [ تعالى ] : { وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ } على أمور : أحدها : وجوب الحج والعمرة ، وفرضيتهما . الثاني : وجوب إتمامهما بأركانهما وواجباتهما التي قد دل عليها فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله : " خذوا عني مناسككم " . الثالث : أن فيه حجة لمن قال بوجوب العمرة . الرابع : أن الحج والعمرة يجب إتمامهما بالشروع فيهما ، ولو كانا نفلاً . الخامس : الأمر بإتقانهما وإحسانهما ، وهذا قدر زائد على فعل ما يلزم لهما . السادس : وفيه الأمر بإخلاصهما لله تعالى . السابع : أنه لا يخرج المحرم بهما بشيء من الأشياء حتى يكملهما ، إلا بما استثناه الله وهو الحصر ، فلهذا قال : { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } أي : منعتم من الوصول إلى البيت لتكميلهما ، بمرض أو ضلالة أو عدو ، ونحو ذلك من أنواع الحصر ، الذي هو المنع . { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } أي : فاذبحوا ما استيسر من الهدي ، وهو سبع بدنة ، أو سبع بقرة ، أو شاة يذبحها المحصر ، ويحلق ويحل من إحرامه بسبب الحصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما صدهم المشركون عام الحديبية ، فإن لم يجد الهدي ، فليصم بدله عشرة أيام كما في المتمتع ثم يحل . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } وهذا من محظورات الإحرام ، إزالة الشعر بحلق أو غيره ، لأن المعنى واحد ، من الرأس أو من البدن ، لأن المقصود من ذلك حصول الشعث والمنع من الترفه بإزالته ، وهو موجود في بقية الشعر . وقاس كثير من العلماء على إزالة الشعر تقليم الأظفار بجامع الترفه ، ويستمر المنع مما ذكر ، حتى يبلغ الهدي محله ، وهو يوم النحر ، والأفضل أن يكون الحلق بعد النحر ، كما تدل عليه الآية . ويستدل بهذه الآية على أن المتمتع إذا ساق الهدي لم يتحلل من عمرته قبل يوم النحر ، فإذا طاف وسعى للعمرة أحرم بالحج ، ولم يكن له إحلال بسبب سوق الهدي ، وإنما منع تبارك وتعالى من ذلك لما فيه من الذل والخضوع لله والانكسار له ، والتواضع الذي هو عين مصلحة العبد ، وليس عليه في ذلك من ضرر ، فإذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض ينتفع بحلق رأسه له ، أو قروح ، أو قمل ونحو ذلك ، فإنه يحل له أن يحلق رأسه ، ولكن يكون عليه فدية من صيام ثلاثة أيام ، أو صدقة على ستة مساكين أو نسك ما يجزئ في أضحية ، فهو مخير ، والنسك أفضل ، فالصدقة ، فالصيام . ومثل هذا كل ما كان في معنى ذلك من تقليم الأظفار ، أو تغطية الرأس ، أو لبس المخيط ، أو الطيب ، فإنه يجوز عند الضرورة ، مع وجوب الفدية المذكورة لأن القصد من الجميع إزالة ما به يترفه . ثم قال تعالى : { فَإِذَآ أَمِنتُمْ } أي : بأن قدرتم على البيت من غير مانع عدو وغيره { فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ } بأن توصل بها إليه ، وانتفع بتمتعه بعد الفراغ منها . { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } أي : فعليه ما تيسر من الهدي ، وهو ما يجزئ في أضحية ، وهذا دم نسك ، مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة ، ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة بعد فراغ العمرة وقبل الشروع في الحج ، ومثلها القِران لحصول النُّسُكين له . ويدل مفهوم الآية على أن المفرد للحج ، ليس عليه هدي ، ودلت الآية على جواز بل فضيلة المتعة ، وعلى جواز فعلها في أشهر الحج . { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } أي الهدي أو ثمنه { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ } أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة ، وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر ، أيام رمي الجمار ، والمبيت بـ " منى " ولكن الأفضل منها ، أن يصوم السابع والثامن والتاسع ، { وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } أي : فرغتم من أعمال الحج ، فيجوز فعلها في مكة وفي الطريق ، وعند وصوله إلى أهله . { ذٰلِكَ } المذكور من وجوب الهدي على المتمتع { لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } بأن كان عند مسافة قصر فأكثر ، أو بعيداً عنه عرفاً ، فهذا الذي يجب عليه الهدي لحصول النسكين له في سفر واحد ، وأما من كان أهله من حاضري المسجد الحرام ، فليس عليه هدي لعدم الموجب لذلك . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي : في جميع أموركم ، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ومن ذلك امتثالكم لهذه المأمورات ، واجتناب هذه المحظورات المذكورة في هذه الآية . { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي : لمن عصاه ، وهذا هو الموجب للتقوى ، فإن من خاف عقاب الله ، انكف عما يوجب العقاب ، كما أن من رجا ثواب الله عمل لما يوصله إلى الثواب ، وأما من لم يخف العقاب ولم يرج الثواب ، اقتحم المحارم وتجرأ على ترك الواجبات .