Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 216-216)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه الآية ، فيها فرض القتال في سبيل الله ، بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه ، لضعفهم وعدم احتمالهم لذلك ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكثر المسلمون وقووا ، أمرهم الله تعالى بالقتال ، وأخبر أنه مكروه للنفوس لما فيه من التعب والمشقة ، وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف ، ومع هذا فهو خير محض ، لما فيه من الثواب العظيم ، والتحرز من العقاب الأليم ، والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم ، وغير ذلك مما هو مرب ، على ما فيه من الكراهة { وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ } وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة ، فإنه شر ، لأنه يعقب الخذلان وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله ، وحصول الذل والهوان وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب . وهذه الآيات عامة مطردة في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة أنها خير بلا شك ، وأن أفعال الشر التي تحب النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة فهي شر بلا شك . وأما أحوال الدنيا فليس الأمر مطرداً ، ولكن الغالب على العبد المؤمن أنه إذا أحب أمراً من الأمور ، فقيض الله [ له ] من الأسباب ما يصرفه عنه أنه خير له ، فالأوفق له في ذلك أن يشكر الله ، ويجعل الخير في الواقع ، لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه ، وأقدر على مصلحة عبده منه ، وأعلم بمصلحته منه ، كما قال [ تعالى : ] { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره ، سواء سرتكم أو ساءتكم . ولما كان الأمر بالقتال لو لم يقيد لشمل الأشهر الحرم وغيرها ، استثنى تعالى القتال في الأشهر الحرم فقال : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ … } .