Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 283-283)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : إن كنتم مسافرين { وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً } يكتب بينكم ويحصل به التوثق { فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ } أي : يقبضها صاحب الحق وتكون وثيقة عنده حتى يأتيه حقه ، ودل هذا على أن الرهن غير المقبوضة لا يحصل منها التوثق ، ودل أيضاً على أن الراهن والمرتهن لو اختلفا في قدر ما رهنت به ، كان القول قول المرتهن ، ووجه ذلك أن الله جعل الرهن عوضاً عن الكتابة في توثق صاحب الحق ، فلولا أن قول المرتهن مقبول في قدر الذي رهنت به لم يحصل المعنى المقصود ، ولما كان المقصود بالرهن التوثق جاز حضراً وسفراً ، وإنما نص الله على السفر ، لأنه في مظنة الحاجة إليه لعدم الكاتب فيه ، هذا كله إذا كان صاحب الحق يحب أن يتوثق لحقه ، فما كان صاحب الحق آمناً من غريمه وأحب أن يعامله من دون رهن فعلى من عليه الحق أن يؤدي إليه كاملاً غير ظالم له ولا باخس حقه { وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ } في أداء الحق ويجازي من أحسن به الظن بالإحسان { وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ } لأن الحق مبني عليها لا يثبت بدونها ، فكتمها من أعظم الذنوب ، لأنه يترك ما وَجَبَ عليه من الخبر الصدق ويخبر بضده وهو الكذب ، ويترتب على ذلك فوات حق من له الحق ، ولهذا قال تعالى : { وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وقد اشتملت هذه الأحكام الحسنة التي أرشد الله عباده إليها على حِكَم عظيمة ومصالح عميمة دلت على أن الخلق لو اهتدوا بإرشاد الله لصلحت دنياهم مع صلاح دينهم ، لاشتمالها على العدل والمصلحة ، وحفظ الحقوق وقطع المشاجرات والمنازعات ، وانتظام أمر المعاش ، فلله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه لا نحصي ثناءً عليه .