Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 42-46)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما امتن الله على موسى بما امتن به ، من النعم الدينية والدنيوية قال له : { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ } هارون { بِآيَاتِي } أي : الآيات التي مني ، الدالة على الحق وحسنه ، وقبح الباطل ، كاليد ، والعصا ونحوها ، في تسع آيات إلى فرعون وملئه ، { وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } أي : لا تفترا ، ولا تكسلا عن مداومة ذكري بل استمرَّا عليه ، والزماه كما وعدتما بذلك { كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً } [ طه : 33 - 34 ] فإن ذكر الله فيه معونة على جميع الأمور ، يسهلها ، ويخفف حملها . { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } أي : جاوز الحد ، في كفره وطغيانه ، وظلمه وعدوانه . { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً } أي : سهلاً لطيفاً ، برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف ، ولا غلظة في المقال ، أو فظاظة في الأفعال ، { لَّعَلَّهُ } بسبب القول اللين { يَتَذَكَّرُ } ما ينفعه فيأتيه ، { أَوْ يَخْشَىٰ } ما يضره فيتركه ، فإن القول اللين داع لذلك ، والقول الغليظ منفر عن صاحبه ، وقد فسر القول اللين في قوله : { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } [ النازعات : 18 - 19 ] فإن في هذا الكلام ، من لطف القول وسهولته ، وعدم بشاعته ، ما لا يخفى على المتأمل ، فإنه أتى بـ " هل " الدالة على العرض والمشاورة ، التي لا يشمئز منها أحد ، ودعاه إلى التزكي والتطهر من الأدناس ، التي أصلها التطهر من الشرك ، الذي يقبله كل عقل سليم ، ولم يقل " أزكيك " بل قال " تزكى " أنت بنفسك ، ثم دعاه إلى سبيل ربه ، الذي رباه ، وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة ، التي ينبغي مقابلتها بشكرها ، وذكرها فقال : { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } [ النازعات : 19 ] فلما لم يقبل هذا الكلام اللين الذي يأخذ حسنه بالقلوب ، علم أنه لا ينجع فيه تذكير ، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر . { قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ } أي : يبادرنا بالعقوبة والإيقاع بنا قبل أن تبلغه رسالاتك ، ونقيم عليه الحجة { أَوْ أَن يَطْغَىٰ } أي : يتمرد عن الحق ، ويطغى بملكه وسلطانه وجنده وأعوانه ، { قَالَ لاَ تَخَافَآ } أن يفرط عليكما { إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } أي : أنتما بحفظي ورعايتي ، أسمع أقوالكما ، وأرى جميع أحوالكما ، فلا تخافا منه ، فزال الخوف عنهما ، واطمأنت قلوبهما بوعد ربهما .