Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 106-112)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يثني الله تعالى على كتابه العزيز " القرآن " ويبين كفايته التامة عن كل شيء ، وأنه لا يستغنى عنه فقال : { إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } أي : يتبلغون به في الوصول إلى ربهم ، وإلى دار كرامته ، فيوصلهم إلى أجل المطالب ، وأفضل الرغائب . وليس للعابدين ، الذين هم أشرف الخلق ، وراءه غاية ، لأنه الكفيل بمعرفة ربهم ، بأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، وبالإخبار بالغيوب الصادقة ، وبالدعوة لحقائق الإيمان ، وشواهد الإيقان ، المبين للمأمورات كلها ، والمنهيات جميعها ، المعرف بعيوب النفس والعمل ، والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله ، والتحذير من طرق الشيطان وبيان مداخله على الإنسان ، فمن لم يغنه القرآن فلا أغناه الله ، ومن لا يكفيه فلا كفاه الله . ثم أثنى على رسوله الذي جاء بالقرآن ، فقال : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } فهو رحمته المهداة لعباده ، فالمؤمنون به قبلوا هذه الرحمة وشكروها وقاموا بها ، وغيرهم كفرها ، وبدلوا نعمة الله كفراً ، وأبوا رحمة الله ونعمته . { قُلْ } يا محمد { إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } الذي لا يستحق العبادة إلا هو ، ولهذا قال : { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } أي : منقادون لعبوديته مستسلمون لألوهيته ، فإن فعلوا فليحمدوا ربهم على ما منَّ عليهم بهذه النعمة التي فاقت المنن . { فَإِن تَوَلَّوْاْ } عن الانقياد لعبودية ربهم ، فحذرهم حلول المثلات ، ونزول العقوبة . { فَقُلْ ءَاذَنتُكُمْ } أي : أعلمتكم بالعقوبة { عَلَىٰ سَوَآءٍ } أي علمي وعلمكم بذلك مستو ، فلا تقولوا - إذا أنزل بكم العذاب : { مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } [ المائدة : 19 ] بل الآن ، استوى علمي وعلمكم لما أنذرتكم وحذرتكم وأعلمتكم بمآل الكفر ، ولم أكتم عنكم شيئاً . { وَإِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ } أي : من العذاب لأن علمه عند الله ، وهو بيده ، ليس لي من الأمر شيء . { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } أي : لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه شر لكم ، وأن تتمتعوا في الدنيا إلى حين ، ثم يكون أعظم لعقوبتكم . { قَالَ رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ } أي : بيننا وبين القوم الكافرين ، فاستجاب الله هذا الدعاء ، وحكم بينهم في الدنيا قبل الآخرة ، بما عاقب الله به الكافرين من وقعة " بدر " وغيرها . { وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } أي : نسأل ربنا الرحمن ، ونستعين به على ما تصفون ، من قولكم سنظهر عليكم ، وسيضمحل دينكم ، فنحن في هذا ، لا نعجب بأنفسنا ، ولا نتكل على حولنا وقوتنا ، وإنما نستعين بالرحمن ، الذي ناصية كل مخلوق بيده ، ونرجوه أن يتم ما استعناه به من رحمته ، وقد فعل ، ولله الحمد .