Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 11-15)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى - محذراً لهؤلاء الظالمين ، المكذبين للرسول ، بما فعل بالأمم المكذبة لغيره من الرسل - { وَكَمْ قَصَمْنَا } أي : أهلكنا بعذاب مستأصل { مِن قَرْيَةٍ } تلفت عن آخرها { وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } وأن هؤلاء المهلكين ، لما أحسوا بعذاب الله وعقابه ، وباشرهم نزوله ، لم يمكن لهم الرجوع ، ولا طريق لهم إلى النزوع ، وإنما ضربوا الأرض بأرجلهم ، ندماً وقلقاً ، وتحسراً على ما فعلوا وهروباً من وقوعه ، فقيل لهم على وجه التهكم بهم : { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } أي : لا يفيدكم الركوض والندم ، ولكن إن كان لكم اقتدار ، فارجعوا إلى ما أترفتم فيه ، من اللذات والمشتهيات ، ومساكنكم المزخرفات ، ودنياكم التي غرتكم وألهتكم ، حتى جاءكم أمر الله ، فكونوا فيها متمكنين ، وللذاتها جانين ، وفي منازلكم مطمئنين معظمين ، لعلكم أن تكونوا مقصودين في أموركم كما كنتم سابقاً ، مسئولين من مطالب الدنيا كحالتكم الأولى ، وهيهات ، أين الوصول إلى هذا ؟ وقد فات الوقت ، وحل بهم العقاب والمقت ، وذهب عنهم عزهم وشرفهم ودنياهم ، وحضرهم ندمهم وتحسرهم ؟ . ولهذا { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } أي : الدعاء بالويل والثبور والندم ، والإقرار على أنفسهم بالظلم ، وأن الله عادل فيما أحل بهم ، { حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ } أي : بمنزلة النبات الذي قد حصد وأُنِيم ، قد خمدت منهم الحركات ، وسكنت منهم الأصوات ، فاحذروا - أيها المخاطبون - أن تستمروا على تكذيب أشرف الرسل ، فيحل بكم كما حل بأولئك .