Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 30-31)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ذٰلِكَ } الذي ذكرنا لكم من تلكم الأحكام ، وما فيها من تعظيم حرمات الله وإجلالها وتكريمها ، لأن تعظيم حرمات الله ، من الأمور المحبوبة لله ، المقربة إليه ، التي من عظَّمها وأجلَّها ، أثابه الله ثواباً جزيلاً ، وكانت خيراً له في دينه ، ودنياه وأخراه عند ربه . وحرمات الله : كل ماله حرمة ، وأمر باحترامه ، بعبادةٍ أو غيرها ، كالمناسك كلها ، وكالحرم والإحرام ، وكالهدايا ، وكالعبادات التي أمر الله العباد بالقيام بها ، فتعظيمها إجلالها بالقلب ، ومحبتها ، وتكميل العبودية فيها ، غير متهاون ، ولا متكاسل ، ولا متثاقل ، ثم ذكر منته وإحسانه بما أحله لعباده ، من بهيمة الأنعام ، من إبل وبقر وغنم ، وشرعها من جملة المناسك ، التي يتقرب بها إليه ، فعظمت منته فيها من الوجهين ، { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } في القرآن تحريمه من قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ } الآية [ المائدة : 3 ] ، ولكن الذي من رحمته بعباده ، أن حرمه عليهم ، ومنعهم منه ، تزكية لهم ، وتطهيراً من الشرك به وقول الزور ، ولهذا قال : { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ } أي : الخبث القذر { مِنَ ٱلأَوْثَانِ } أي : الأنداد ، التي جعلتموها آلهة مع الله ، فإنها أكبر أنواع الرجس ، والظاهر أن { مِنَ } هنا ليست لبيان الجنس ، كما قاله كثير من المفسرين ، وإنما هي للتبعيض ، وأن الرجس عام في جميع المنهيات المحرمات ، فيكون منهياً عنها عموماً ، وعن الأوثان التي هي بعضها خصوصاً ، { وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ } أي : جميع الأقوال المحرمات ، فإنها من قول الزور الذي هو الكذب ، ومن ذلك شهادة الزور فلما نهاهم عن الشرك والرجس وقول الزور . أمرهم أن يكونوا { حُنَفَآءَ للَّهِ } أي : مقبلين عليه وعلى عبادته ، معرضين عما سواه . { غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } فمثله { فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي : سقط منها { فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ } بسرعة { أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } أي : بعيد ، كذلك المشرك ، فالإيمان بمنزلة السماء ، محفوظة مرفوعة . ومن ترك الإيمان ، بمنزلة الساقط من السماء ، عرضة للآفات والبليات ، فإما أن تخطفه الطير فتقطعه أعضاء ، كذلك المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطفته الشياطين من كل جانب ، ومزقوه ، وأذهبوا عليه دينه ودنياه .