Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 78-80)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى بمننه على عباده الداعية لهم إلى شكره ، والقيام بحقه فقال : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنْشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ } لتدركوا به المسموعات ، فتنتفعوا في دينكم ودنياكم ، { وَٱلأَبْصَارَ } لتدركوا بها المبصرات ، فتنتفعوا بها في مصالحكم . { وَٱلأَفْئِدَةَ } أي : العقول التي تدركون بها الأشياء ، وتتميزون بها عن البهائم ، فلو عدمتم السمع ، والأبصار ، والعقول ، بأن كنتم صماً عمياً بكماً ماذا تكون حالكم ؟ وماذا تفقدون من ضرورياتكم وكمالكم ؟ أفلا تشكرون الذي مَنَّ عليكم بهذه النعم ، فتقومون بتوحيده وطاعته ؟ . ولكنكم ، قليل شكركم ، مع توالي النعم عليكم . { وَهُوَ } تعالى { ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي : بثَّكم في أقطارها ، وجهاتها ، وسلطكم على استخراج مصالحها ومنافعها ، وجعلها كافية لمعايشكم ومساكنكم ، { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } بعد موتكم ، فيجازيكم بما عملتم في الأرض ، من خير وشر ، وتحدث الأرض التي كنتم فيها بأخبارها ، { وَهُوَ } تعالى وحده { ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ } أي : المتصرف في الحياة والموت ، هو الله وحده ، { وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي : تعاقبهما وتناوبهما ، فلو شاء أن يجعل النهار سرمداً ، من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه ؟ ولو شاء أن يجعل الليل سرمداً ، مَنْ إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تبصرون ؟ . { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ القصص : 73 ] . ولهذا قال هنا : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } فتعرفون أن الذي وهب لكم من النعم ، السمع ، والأبصار ، والأفئدة ، والذي نشركم في الأرض وحده ، والذي يحيي ويميت وحده ، والذي يتصرف بالليل والنهار وحده ، أن ذلك موجب لكم ، أن تخلصوا له العبادة وحده لا شريك له ، وتتركوا عبادة من لا ينفع ولا يضر ، ولا يتصرف بشيء ، بل هو عاجز من كل وجه ، فلو كان لكم عقل لم تفعلوا ذلك .