Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 84-89)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : قل لهؤلاء المكذبين بالبعث ، العادلين بالله غيره ، محتجاً عليهم بما أثبتوه ، وأقروا به من توحيد الربوبية ، وانفراد الله بها ، على ما أنكروه من توحيد الإلهية والعبادة ، وبما أثبتوه من خلق المخلوقات العظيمة ، على ما أنكروه من إعادة الموتى ، الذي هو أسهل من ذلك . { لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ } أي : من هو الخالق للأرض ومن عليها ، من حيوان ، ونبات ، وجماد ، وبحار ، وأنهار ، وجبال ، المالك لذلك ، المدبر له ؟ فإنك إذا سألتهم عن ذلك ، لا بد أن يقولوا : الله وحده . فقل لهم إذا أقروا بذلك : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي : أفلا ترجعون إلى ما ذكركم الله به ، مما هو معلوم عندكم ، مستقر في فطركم ، قد يغيبه الإعراض في بعض الأوقات ، والحقيقة أنكم إن رجعتم إلى ذاكرتكم ، بمجرد التأمل ، علمتم أن مالك ذلك ، هو المعبود وحده ، وأن إلهية من هو مملوك ، أبطل الباطل ، ثم انتقل إلى ما هو أعظم من ذلك ، فقال : { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ } وما فيها من النيرات ، والكواكب السيارات ، والثوابت { وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } الذي هو أعلى المخلوقات وأوسعها وأعظمها ، فمن الذي خلق ذلك ودبره ، وصرفه بأنواع التدبير ؟ { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } أي : سيقرون بأن الله رب ذلك كله . قل لهم حين يقرون بذلك : { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } عبادة المخلوقات العاجزة ، وتتقون الرب العظيم ، كامل القدرة ، عظيم السلطان ؟ وفي هذا من لطف الخطاب ، من قوله : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } والوعظ بأداة العرض الجاذبة للقلوب ، ما لا يخفى . ثم انتقل إلى إقرارهم بما هو أعم من ذلك كله فقال : { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } أي : ملك كل شيء ، من العالم العلوي ، والعالم السفلي ، ما نبصره ، وما لا نبصره ؟ . و " الملكوت " : صيغة مبالغة ، بمعنى الملك . { وَهُوَ يُجْيِرُ } عباده من الشر ، ويدفع عنهم المكاره ، ويحفظهم مما يضرهم ، { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي : لا يقدر أحد أن يجير على الله ، ولا يدفع الشر الذي قدره الله . بل ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ، { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } أي : سيقرون أن الله المالك لكل شيء ، المجير ، الذي لا يجار عليه . { قُلْ } لهم حين يقرون بذلك ، ملزماً لهم ، { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } أي : فأين تذهب عقولكم ، حيث عبدتم من علمتم أنهم لا ملك لهم ، ولا قسط من الملك ، وأنهم عاجزون من جميع الوجوه ، وتركتم الإخلاص للمالك العظيم القادر المدبر لجميع الأمور ، فالعقول التي دلتكم على هذا ، لا تكون إلا مسحورة ، وهي - بلا شك - قد سحرها الشيطان ، بما زيَّن لهم ، وحسَّن لهم ، وقلب الحقائق لهم ، فسحر عقولهم ، كما سحرت السحرة أعين الناس .