Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 41-42)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نبه تعالى عباده على عظمته ، وكمال سلطانه ، وافتقار جميع المخلوقات له في ربوبيتها ، وعبادتها فقال : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } من حيوان وجماد { وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ } أي : صافات أجنحتها ، في جو السماء ، تسبح ربها . { كُلٌّ } من هذه المخلوقات { قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } أي : كل له صلاة وعبادة بحسب حاله اللائقة به ، وقد ألهمه الله تلك الصلاة والتسبيح ، إما بواسطة الرسل ، كالجن والإنس والملائكة ، وإما بإلهام منه تعالى ، كسائر المخلوقات غير ذلك ، وهذا الاحتمال أرجح ، بدليل قوله : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } أي : علم جميع أفعالها ، فلم يخف عليه منها شيء ، وسيجازيهم بذلك ، فيكون على هذا ، قد جمع بين علمه بأعمالها ، وذلك بتعليمه ، وبين علمه بأعمالهم المتضمن للجزاء . ويحتمل أن الضمير في قوله : { قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } يعود إلى الله ، وأن الله تعالى قد علم عباداتهم ، وإن لم تعلموا - أيها العباد - منها ، إلا ما أطلعكم الله عليه . وهذه الآية كقوله تعالى : { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } [ الإسراء : 44 ] فلما بيَّن عبوديتهم وافتقارهم إليه - من جهة العبادة والتوحيد - بَيَّن افتقارهم ، من جهة الملك والتربية والتدبير فقال : { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } خالقهما ورازقهما ، والمتصرف فيهما ، في حكمه الشرعي [ والقدري ] في هذه الدار ، وفي حكمه الجزائي ، بدار القرار ، بدليل قوله : { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } أي : مرجع الخلق ومآلهم ، ليجازيهم بأعمالهم .