Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 59-59)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ } وهو إنزال المني يقظة أو مناماً ، { فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي : في سائر الأوقات ، والذين من قبلهم ، هم الذين ذكرهم الله بقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } الآية [ النور : 27 ] . { كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ } ويوضحها ، ويفصل أحكامها { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } . وفي هاتين الآيتين فوائد ، منها : أن السيد وولي الصغير ، مخاطبان بتعليم عبيدهم ومن تحت ولايتهم من الأولاد ، العلم والآداب الشرعية ، لأن الله وجه الخطاب إليهم بقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ } الآية ، ولا يمكن ذلك ، إلا بالتعليم والتأديب ، ولقوله : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ } . ومنها : الأمر بحفظ العورات ، والاحتياط لذلك من كل وجه ، وأن المحل والمكان ، الذي مظنة لرؤية عورة الإنسان فيه ، أنه منهيٌّ عن الاغتسال فيه والاستنجاء ، ونحو ذلك . ومنها : جواز كشف العورة لحاجة ، كالحاجة عند النوم ، وعند البول والغائط ، ونحو ذلك . ومنها : أن المسلمين كانوا معتادين للقيلولة وسط النهار ، كما اعتادوا نوم الليل ، لأن الله خاطبهم ببيان حالهم الموجودة . ومنها : أن الصغير الذي دون البلوغ ، لا يجوز أن يُمكّن من رؤية العورة ، ولا يجوز أن تُرى عورته ، لأن الله لم يأمر باستئذانهم ، إلا عن أمر ما يجوز . ومنها : أن المملوك أيضاً ، لا يجوز أن يرى عورة سيده ، كما أن سيده لا يجوز أن يرى عورته ، كما ذكرنا في الصغير . ومنها : أنه ينبغي للواعظ والمعلم ونحوهم ، ممن يتكلم في مسائل العلم الشرعي ، أن يقرن بالحكم ، بيان مأخذه ووجهه ، ولا يلقيه مجرداً عن الدليل والتعليل ، لأن الله - لما بيَّن الحكم المذكور - علله بقوله : { ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ } . ومنها : أن الصغير والعبد ، مخاطبان ، كما أن وليهما مخاطب لقوله : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ } . ومنها : أن ريق الصبي طاهر ، ولو كان بعد نجاسة ، كالقيء ، لقوله تعالى : { طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ } مع قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الهرة : " إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات " . ومنها : جواز استخدام الإنسان مَنْ تحت يده ، من الأطفال على وجه معتاد ، لا يشق على الطفل لقوله : { طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ } . ومنها : أن الحكم المذكور المفصل ، إنما هو لما دون البلوغ ، فأما ما بعد البلوغ ، فليس إلا الاستئذان . ومنها : أن البلوغ يحصل بالإنزال ، فكل حكم شرعي رتب على البلوغ ، حصل بالإنزال ، وهذا مجمع عليه ، وإنما الخلاف ، هل يحصل البلوغ بالسن ، أو الإنبات للعانة ، والله أعلم .