Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 1-2)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا بيان لعظمته الكاملة ، وتفرده [ بالوحدانية ] من كل وجه ، وكثرة خيراته وإحسانه ، فقال : { تَبَارَكَ } أي : تعاظم وكملت أوصافه ، وكثرت خيراته ، الذي من أعظم خيراته ونعمه ، أن نزل هذا القرآن الفارق بين الحلال والحرام ، والهدى والضلال ، وأهل السعادة من أهل الشقاوة ، { عَلَىٰ عَبْدِهِ } محمد صلى الله عليه وسلم الذي كمل مراتب العبودية ، وفاق جميع المرسلين ، { لِيَكُونَ } ذلك الإنزال للفرقان على عبده { لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } ينذرهم بأس الله ونقمه ، ويبين لهم مواقع رضا الله من سخطه ، حتى إن من قبل نذارته وعمل بها ، كان من الناجين في الدنيا والآخرة ، الذين حصلت لهم السعادة الأبدية ، والملك السرمدي ، فهل فوق هذه النعمة وهذا الفضل والإحسان شيء ؟ فتبارك الذي هذا من بعض إحسانه وبركاته . { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : له التصرف فيهما وحده ، وجميع من فيهما مماليك وعبيد له ، مذعنون لعظمته ، خاضعون لربوبيته ، فقراء إلى رحمته ، الذي { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } وكيف يكون له ولد أو شريك ، وهو المالك ، وغيره مملوك ، وهو القاهر ، وغيره مقهور ، وهو الغني بذاته من جميع الوجوه ، والمخلوقون مفتقرون إليه فقراً ذاتياً من جميع الوجوه ؟ ! ! وكيف يكون له شريك في الملك ، ونواصي العباد كلهم بيديه ، فلا يتحركون أو يسكنون ، ولا يتصرفون إلا بإذنه ، فتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، فلم يقدره حق قدره من قال فيه ذلك ، ولهذا قال : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } شمل العالم العلوي ، والعالم السفلي ، من حيواناته ، ونباتاته ، وجماداته ، { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } أي : أعطى كل مخلوق منها ما يليق به ويناسبه من الخلق وما تقتضيه حكمته من ذلك ، بحيث صار كل مخلوق لا يتصور العقل الصحيح أن يكون بخلاف شكله وصورته المشاهدة ، بل كل جزء وعضو من المخلوق الواحد ، لا يناسبه غير محله الذي هو فيه . قال تعالى : { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ * ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } [ الأعلى : 1 - 3 ] وقال تعالى : { رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [ طه : 50 ] ولما بيّن كماله وعظمته ، وكثرة إحسانه ، كان ذلك مقتضياً لأن يكون وحده المحبوب المألوه المعظم ، المفرد بالإخلاص وحده ، لا شريك له ، ناسب أن يذكر بطلان عبادة ما سواه ، فقال : { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ … } .