Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 21-23)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : قال المكذبون للرسول ، المكذبون بوعد الله ووعيده ، الذين ليس في قلوبهم خوف الوعيد ، ولا رجاء لقاء الخالق . { لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا } أي : هلا نزلت الملائكة ، تشهد لك بالرسالة ، وتؤيدك عليها ، أو تنزل رسلاً مستقلين ، أو نرى ربنا فيكلمنا ، ويقول : هذا رسولي فاتبعوه ؟ وهذا معارضة للرسول بما ليس بمعارض ، بل بالتكبر والعلو والعتو . { لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ } حيث اقترحوا هذا الاقتراح ، وتجرؤوا هذه الجرأة ، فمن أنتم يا فقراء ، ويا مساكين ، حتى تطلبوا رؤية الله ، وتزعموا أن الرسالة متوقف ثبوتها على ذلك ؟ وأي كبر أعظم من هذا ؟ { وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً } أي : قسوا وصلبوا عن الحق قساوة عظيمة ، فقلوبهم أشد من الأحجار ، وأصلب من الحديد ، لا تلين للحق ، ولا تصغي للناصحين ، فلذلك لم ينجع فيهم وعظ ولا تذكير ، ولا اتبعوا الحق حين جاءهم النذير ، بل قابلوا أصدق الخلق وأنصحهم ، وآيات الله البينات ، بالإعراض والتكذيب والمعارضة ، فأي عتو أكبر من هذا العتو ؟ ! ! ولذلك ، بطلت أعمالهم واضمحلت ، وخسروا أشد الخسران ، وحرموا غاية الحرمان . { يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ } التي اقترحوا نزولها { لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ } وذلك أنهم لا يرونها ، مع استمرارهم على جرمهم وعنادهم ، إلا لعقوبتهم ، وحلول البأس بهم ، فأول ذلك عند الموت ، إذا تنزلت عليهم الملائكة ، قال الله تعالى : { وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } [ الأنعام : 93 ] . ثم في القبر ، حيث يأتيهم منكر ونكير ، فيسألهم عن ربهم ونبيهم ودينهم ، فلا يجيبون جواباً ينجيهم ، فيحلون بهم النقمة ، وتزول عنهم بهم الرحمة ، ثم يوم القيامة ، حين تسوقهم الملائكة إلى النار ، ثم يسلمونهم لخزنة جهنم ، الذين يتولون عذابهم ، ويباشرون عقابهم ، فهذا الذي اقترحوه ، وهذا الذي طلبوه ، إن استمروا على إجرامهم لا بد أن يروه ويلقوه ، وحينئذ يتعوذون من الملائكة ، ويفرون ، ولكن لا مفر لهم . { وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } [ الرحمن : 33 ] . { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ } أي : أعمالهم التي رجوا أن تكون خيراً لهم وتعبوا فيها ، { فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } أي : باطلاً مضمحلاً ، قد خسروه وحرموا أجره ، وعوقبوا عليه ، وذلك لفقده الإيمان ، وصدوره عن مكذب لله ورسله ، فالعمل الذي يقبله الله ، ما صدر عن المؤمن المخلص ، المصدق للرسل المتبع لهم فيه .