Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 106-108)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن حال يوم القيامة وما فيه من آثار الجزاء بالعدل والفضل ، ويتضمن ذلك الترغيب والترهيب الموجب للخوف والرجاء فقال : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ } وهي وجوه أهل السعادة والخير ، أهل الائتلاف والاعتصام بحبل الله { وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } وهي وجوه أهل الشقاوة والشر ، أهل الفرقة والاختلاف ، هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي والهوان والذلة والفضيحة ، وأولئك ابيضت وجوههم ، لما في قلوبهم من البهجة والسرور والنعيم والحبور الذي ظهرت آثاره على وجوههم كما قال تعالى : { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } [ الإنسان : 11 ] نضرة في وجوههم وسروراً في قلوبهم ، وقال تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ يونس : 27 ] { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } فيقال لهم على وجه التوبيخ والتقريع : { أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } أي : كيف آثرتم الكفر والضلال على الإيمان والهدى ؟ وكيف تركتم سبيل الرشاد وسلكتم طريق الغي ؟ { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } فليس يليق بكم إلا النار ، ولا تستحقون إلا الخزي والفضيحة والعار { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ } فيهنؤون أكمل تهنئة ويبشرون أعظم بشارة ، وذلك أنهم يبشرون بدخول الجنات ورضى ربهم ورحمته { فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وإذا كانوا خالدين في الرحمة ، فالجنة أثر من آثار رحمته تعالى ، فهم خالدون فيها بما فيها من النعيم المقيم والعيش السليم ، في جوار أرحم الراحمين ، لما بين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم الأحكام الأمرية والأحكام الجزائية قال : { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا } أي : نقصها { عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ } لأن أوامره ونواهيه مشتملة على الحكمة والرحمة وثوابها وعقابها ، كذلك مشتمل على الحكمة والرحمة والعدل الخالي من الظلم ، ولهذا قال : { وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } نفى إرادته ظلمهم فضلاً عن كونه يفعل ذلك فلا ينقص أحداً شيئاً من حسناته ، ولا يزيد في ظلم الظالمين ، بل يجازيهم بأعمالهم فقط ، ثم قال تعالى : { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ … } .