Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 113-115)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بين تعالى الفرقة الفاسقة من أهل الكتاب وبين أفعالهم وعقوباتهم ، بين هاهنا الأمة المستقيمة ، وبين أفعالها وثوابها ، فأخبر أنهم لا يستوون عنده ، بل بينهم من الفرق ما لا يمكن وصفه ، فأما تلك الطائفة الفاسقة فقد مضى وصفهم ، وأما هؤلاء المؤمنون ، فقال تعالى منهم { أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } أي : مستقيمة على دين الله ، قائمة بما ألزمها الله به من المأمورات ، ومن ذلك قيامها بالصلاة { يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } وهذا بيان لصلاتهم في أوقات الليل وطول تهجدهم وتلاوتهم لكتاب ربهم وإيثارهم الخضوع والركوع والسجود له { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي : كإيمان المؤمنين إيماناً يوجب لهم الإيمان بكل نبي أرسله ، وكل كتاب أنزله الله ، وخص الإيمان باليوم الآخر لأن الإيمان الحقيقي باليوم الآخر يحث المؤمن به على ما يقر به إلى الله ، ويثاب عليه في ذلك اليوم ، وترك كل ما يعاقب عليه في ذلك اليوم { وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } فحصل منهم تكميل أنفسهم بالإيمان ولوازمه ، وتكميل غيرهم بأمرهم بكل خير ، ونهيهم عن كل شر ، ومن ذلك حثهم أهل دينهم وغيرهم على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ثم وصفهم بالهمم العالية { وَ } أنهم { يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } أي : يبادرون إليها فينتهزون الفرصة فيها ، ويفعلونها في أول وقت إمكانها ، وذلك من شدة رغبتهم في الخير ومعرفتهم بفوائده وحسن عوائده ، فهؤلاء الذين وصفهم الله بهذه الصفات الجميلة والأفعال الجليلة { مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } الذين يدخلهم الله في رحمته ويتغمدهم بغفرانه وينيلهم من فضله وإحسانه ، وأنهم مهما فعلوا { مِنْ خَيْرٍ } قليلاً كان أو كثيراً { فَلَنْ يُكْفَروهُ } أي : لن يحرموه ويفوتوا أجره ، بل يثيبهم الله على ذلك أكمل ثواب ، ولكن الأعمال ثوابها تبع لما يقوم بقلب صاحبها من الإيمان والتقوى ، فلهذا قال { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } كما قال تعالى : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ المائدة : 27 ] .