Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 156-158)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يشابهوا الكافرين ، الذين لا يؤمنون بربهم ، ولا بقضائه وقدره ، من المنافقين وغيرهم . ينهاهم عن مشابهتهم في كل شيء ، وفي هذا الأمر الخاص وهو أنهم يقولون لإخوانهم في الدين أو في النسب : { إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي : سافروا للتجارة { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } أي : غزاة ، ثم جرى عليهم قتل أو موت ، يعارضون القدر ويقولون : { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } وهذا كذب منهم ، فقد قال تعالى : { قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ } [ آل عمران : 154 ] ولكن هذا التكذيب لم يفدهم ، إلا أن الله يجعل هذا القول ، وهذه العقيدة حسرة في قلوبهم ، فتزداد مصيبتهم ، وأما المؤمنون بالله فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله ، فيؤمنون ويسلمون ، فيهدي الله قلوبهم ويثبتها ، ويخفف بذلك عنهم المصيبة . قال الله ردا عليهم : { وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي : هو المنفرد بذلك ، فلا يغني حذر عن قدر . { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم . ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله أو الموت فيه ، ليس فيه نقص ولا محذور ، وإنما هو مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون ، لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته ، وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم . وأن الخلق أيضاً إذا ماتوا أو قتلوا بأي حالة كانت ، فإنما مرجعهم إلى الله ، ومآلهم إليه ، فيجازي كلاًّ بعمله ، فأين الفرار إلا إلى الله ، وما للخلق عاصم إلا الاعتصام بحبل الله ؟