Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 161-161)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الغلول هو : الكتمان من الغنيمة ، [ والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان ] وهو محرم إجماعاً ، بل هو من الكبائر ، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها من النصوص ، فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل ، لأن الغلول - كما علمت - من أعظم الذنوب وأشر العيوب . وقد صان الله تعالى أنبياءه عن كل ما يدنسهم ويقدح فيهم ، وجعلهم أفضل العالمين أخلاقاً ، وأطهرهم نفوساً ، وأزكاهم وأطيبهم ، ونزههم عن كل عيب ، وجعلهم محل رسالته ، ومعدن حكمته { ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [ الأنعام : 124 ] . فبمجرد علم العبد بالواحد منهم ، يجزم بسلامتهم من كل أمر يقدح فيهم ، ولا يحتاج إلى دليل على ما قيل فيهم من أعدائهم ، لأن معرفته بنبوتهم ، مستلزم لدفع ذلك ، ولذلك أتى بصيغة يمتنع معها وجود الفعل منهم ، فقال : { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ } أي : يمتنع ذلك ويستحيل على من اختارهم الله لنبوته . ثم ذكر الوعيد على من غل ، فقال : { وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي : يأت به حامله على ظهره ، حيواناً كان أو متاعاً ، أو غير ذلك ، ليعذب به يوم القيامة ، { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } الغال وغيره ، كل يوفى أجره ووزره على مقدار كسبه ، { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } أي : لا يزاد في سيئاتهم ، ولا يهضمون شيئاً من حسناتهم ، وتأمل حسن هذا الاحتراز في هذه الآية الكريمة . لما ذكر عقوبة الغال ، وأنه يأتي يوم القيامة بما غله ، ولما أراد أن يذكر توفيته وجزاءه ، وكان الاقتصار على الغال يوهم - بالمفهوم - أن غيره من أنواع العاملين قد لا يوفون - أتى بلفظ عام جامع له ولغيره .