Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 169-171)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآيات الكريمة فيها فضيلة الشهداء وكرامتهم ، وما منَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه ، وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم ، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة ، فقال : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي : في جهاد أعداء الدين ، قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله { أَمْوَاتاً } أي : لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا ، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا والتمتع بزهرتها ، الذي يحذر من فواته ، من جبن عن القتال ، وزهد في الشهادة . { بَلْ } قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون . فهم { أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ } في دار كرامته . ولفظ : { عِندَ رَبِّهِمْ } يقتضي علو درجتهم ، وقربهم من ربهم ، { يُرْزَقُونَ } من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه ، إلا من أنعم به عليهم ، ومع هذا { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } أي : مغتبطين بذلك ، قد قرت به عيونهم ، وفرحت به نفوسهم ، وذلك لحسنه وكثرته ، وعظمته ، وكمال اللذة في الوصول إليه ، وعدم المنغص ، فجمع الله لهم بين نعيم البدن بالرزق ، ونعيم القلب والروح بالفرح بما آتاهم من فضله : فتم لهم النعيم والسرور ، وجعلوا { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ } أي : يبشر بعضهم بعضاً ، بوصول إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم ، وأنهم سينالون ما نالوا ، { أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } أي : يستبشرون بزوال المحذور عنهم وعن إخوانهم المستلزم كمال السرور ، { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } أي : يهنىء بعضهم بعضاً ، بأعظم مهنأ به ، وهو : نعمة ربهم ، وفضله ، وإحسانه ، { وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بل ينميه ويشكره ، ويزيده من فضله ، ما لا يصل إليه سعيهم . وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم ، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير ، وزيارة بعضهم بعضاً ، وتبشير بعضهم بعضاً .