Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 1-3)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : يا أيها الذي منَّ اللّه عليه بالنبوة ، واختصه بوحيه ، وفضله على سائر الخلق ، اشكر نعمة ربك عليك باستعمال تقواه ، التي أنت أولى بها من غيرك ، والتي يجب عليك منها أعظم من سواك ، فامتثل أوامره ونواهيه ، وبلغ رسالاته ، وأدِّ إلى عباده وحيه ، وابذل النصيحة للخلق . ولا يصدنك عن هذا المقصود صاد ، ولا يردك عنه راد ، فلا تطع كل كافر قد أظهر العداوة للّه ورسوله ، ولا منافق قد استبطن التكذيب والكفر ، وأظهر ضده . فهؤلاء هم الأعداء على الحقيقة ، فلا تطعهم في بعض الأمور ، التي تنقض التقوى وتناقضها ، ولا تتبع أهواءهم ، فيضلوك عن الصواب . { وَ } لكن { ٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ } فإنه هو الهدى والرحمة ، وَارْجُ بذلك ثواب ربك ، فإنه بما تعملون خبير ، يجازيكم بحسب ما يعلمه منكم من الخير والشر . فإن وقع في قلبك ، أنك إن لم تطعهم في أهوائهم المضلة ، حصل عليك منهم ضرر ، أو حصل نقص في هداية الخلق ، فادفع ذلك عن نفسك ، واستعمل ما يقاومه ويقاوم غيره ، وهو التوكل على اللّه ، بأن تعتمد على ربك اعتماد مَنْ لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياةً ، ولا نشوراً ، في سلامتك من شرهم ، وفي إقامة الدين الذي أمرت به ، وثق باللّه في حصول ذلك الأمر على أي : حال كان . { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } توكل إليه الأمور ، فيقوم بها وبما هو أصلح للعبد ، وذلك لعلمه بمصالح عبده ، من حيث لا يعلم العبد ، وقدرته على إيصالها إليه ، من حيث لا يقدر عليها العبد ، وأنه أرحم بعبده من نفسه ، ومن والديه ، وأرأف به من كل أحد ، خصوصاً خواص عبيده ، الذين لم يزل يربيهم ببره ، ويُدِرُّ عليهم بركاته الظاهرة والباطنة ، خصوصاً وقد أمره بإلقاء أموره إليه ، ووعده ، فهناك لا تسأل عن كل أمر يتيسر ، وصعب يسهل ، وخطوب تهون ، وكروب تزول ، وأحوال وحوائج تقضى ، وبركات تنزل ، ونقم تدفع ، وشرور ترفع . وهناك ترى العبد الضعيف ، الذي فوض أمره لسيده ، قد قام بأمور لا يقوم بها أمة من الناس ، وقد سهل اللّه [ عليه ] ما كان يصعب على فحول الرجال ، وباللّه المستعان .