Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى المؤمنين خبراً يعرفون به حالة الرسول صلى اللّه عليه وسلم ومرتبته ، فيعاملونه بمقتضى تلك الحالة ، فقال : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } أقرب ما للإنسان ، وأولى ما له نفسه ، فالرسول أولى به من نفسه ، لأنه عليه الصلاة والسلام ، بذل لهم من النصح والشفقة والرأفة ، ما كان به أرحم الخلق وأرأفهم ، فرسول اللّه ، أعظم الخلق مِنَّةً عليهم من كل أحد ، فإنه لم يصل إليهم مثقال ذرة من الخير ، ولا اندفع عنهم مثقال ذرة من الشر ، إلا على يديه وبسببه . فلذلك ، وجب عليهم إذا تعارض مراد النفس ، أو مراد أحد من الناس ، مع مراد الرسول ، أن يقدم مراد الرسول ، وأن لا يعارض قول الرسول بقول أحد ، كائناً مَنْ كان ، وأن يفدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم ، ويقدموا محبته على الخلق كلهم ، وألا يقولوا حتى يقول ، ولا يتقدموا بين يديه . وهو صلى اللّه عليه وسلم أب للمؤمنين ، كما في قراءة بعض الصحابة ، يربيهم كما يربي الوالد أولاده . فترتب على هذه الأبوة ، أن كان نساؤه أمهاتهم ، أي : في الحرمة والاحترام والإكرام ، لا في الخلوة والمحرمية ، وكأن هذا مقدمة لما سيأتي في قصة زيد بن حارثة ، الذي كان قَبْل يُدْعَى : " زيد بن محمد " حتى أنزل اللّه { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } [ الأحزاب : 40 ] فقطع نسبه ، وانتسابه منه ، فأخبر في هذه الآية ، أن المؤمنين كلهم أولاد للرسول ، فلا مزية لأحد عن أحد وإن انقطع عن أحدهم انتساب الدعوة ، فإن النسب الإيماني لم ينقطع عنه ، فلا يحزن ولا يأسف . وترتب على أن زوجات الرسول أمهات المؤمنين ، أنهن لا يحللن لأحد من بعده ، كما الله صرح بذلك : { وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً } [ الأحزاب : 53 ] . { وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ } أي : الأقارب ، قربوا أو بعدوا { بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } [ أي ] : في حكمه ، فيرث بعضهم بعضاً ، ويبر بعضهم بعضاً ، فهم أولى من الحلف والنصرة . والأدعياء الذين كانوا من قبل يرثون بهذه الأسباب ، دون ذوي الأرحام ، فقطع تعالى التوارث بذلك وجعله للأقارب ، لطفاً منه وحكمة ، فإن الأمر لو استمر على العادة السابقة ، لحصل من الفساد والشر والتحيل لحرمان الأقارب من الميراث شيء كثير . { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ } أي : سواء كان الأقارب مؤمنين مهاجرين وغير مهاجرين ، فإن ذوي الأرحام مقدمون في ذلك ، وهذه الآية حجة على ولاية ذوي الأرحام في جميع الولايات ، كولاية النكاح والمال ، وغير ذلك . { إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً } أي : ليس لهم حق مفروض ، وإنما هو بإرادتكم ، إن شئتم أن تتبرعوا لهم تبرعاً وتعطوهم معروفاً منكم ، { كَانَ } ذلك الحكم المذكور { فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } أي : قد سطر وكتب وقدره اللّه ، فلا بد من نفوذه .