Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 34-39)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن حالة الأمم الماضية المكذبة للرسل ، أنها كحال هؤلاء الحاضرين المكذبين لرسولهم محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأن اللّه إذا أرسل رسولاً في قرية من القرى كفر به مترفوها ، وأبطرتهم نعمتهم وفخروا بها . { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً } أي : ممن اتبع الحق { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } أي : أولاً ، لسنا بمبعوثين ، فإن بُعِثْنا ، فالذي أعطانا الأموال والأولاد في الدنيا ، سيعطينا أكثر من ذلك في الآخرة ولا يعذبنا . فأجابهم اللّه تعالى ، بأن بسط الرزق وتضييقه ، ليس دليلاً على ما زعمتم ، فإن الرزق تحت مشيئة اللّه ، إن شاء بسطه لعبده ، وإن شاء ضيّقه . وليست الأموال والأولاد بالتي تقرب إلى الله زلفى وتدني إليه ، وإنما الذي يقرب منه زلفى ، الإيمان بما جاء به المرسلون ، والعمل الصالح الذي هو من لوازم الإيمان ، فأولئك لهم الجزاء عند اللّه تعالى مضاعفاً ، الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، لا يعلمها إلا اللّه ، { وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } أي : في المنازل العاليات المرتفعات جداً ، ساكنين فيها مطمئنين ، آمنون من المكدرات والمنغصات ، لما هم فيه من اللذات وأنواع المشتهيات ، وآمنون من الخروج منها والحزن فيها . وأما الذين سعوا في آياتنا على وجه التعجيز لنا ولرسلنا ، والتكذيب ، فـ { أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } . ثم أعاد تعالى أنه { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } ليرتب عليه قوله : { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ } نفقة واجبة أو مستحبة ، على قريب ، أو جار ، أو مسكين ، أو يتيم ، أو غير ذلك ، { فَهُوَ } تعالى { يُخْلِفُهُ } فلا تتوهموا أن الإنفاق مما ينقص الرزق ، بل وعد بالخلف للمنفق ، الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } فاطلبوا الرزق منه ، واسعوا في الأسباب التي أمركم بها .