Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 3-5)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما بيّن تعالى عظمته بما وصف به نفسه ، وكان هذا موجباً لتعظيمه وتقديسه والإيمان به ، ذكر أن من أصناف الناس طائفة لم تقدر ربها حق قدره ، ولم تعظمه حق عظمته ، بل كفروا به ، وأنكروا قدرته على إعادة الأموات وقيام الساعة ، وعارضوا بذلك رسله ، فقال : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي : باللّه وبرسله ، وبما جاؤوا به ، فقالوا بسبب كفرهم : { لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ } أي : ما هي إلاّ هذه الحياة الدنيا ، نموت ونحيا . فأمر اللّه رسوله أن يرد قولهم ويبطله ، ويقسم على البعث ، وأنه سيأتيهم ، واستدل على ذلك بدليل من أقرَّ به ، لزمه أن يصدق بالبعث ضرورة ، وهو علمه تعالى الواسع العام فقال : { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } أي : الأمور الغائبة عن أبصارنا وعن علمنا ، فكيف بالشهادة ؟ ! ثم أكّد علمه فقال : { لاَ يَعْزُبُ } أي : لا يغيب عن علمه { عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } أي : جميع الأشياء بذواتها وأجزائها ، حتى أصغر ما يكون من الأجزاء ، وهو المثاقيل منها . { وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } أي : قد أحاط به علمه ، وجرى به قلمه ، وتضمنه الكتاب المبين ، الذي هو اللوح المحفوظ ، فالذي لا يخفى عن علمه مثقال الذرة فما دونه ، في جميع الأوقات ، ويعلم ما تنقص الأرض من الأموات ، وما يبقى من أجسادهم ، قادر على بعثهم ، من باب أولى ، وليس بعثهم بأعجب من هذا العلم المحيط . ثم ذكر المقصود من البعث ، فقال : { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بقلوبهم ، صدقوا اللّه ، وصدقوا رسله تصديقاً جازماً ، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } تصديقاً لإيمانهم . { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } لذنوبهم ، بسبب إيمانهم وعملهم ، يندفع بها كل شر وعقاب . { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } بإحسانهم ، يحصل لهم به كل مطلوب ومرغوب وأمنية . { وَٱلَّذِينَ سَعَوْا فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ } أي : سعوا فيها كفراً بها ، وتعجيزاً لمن جاء بها ، وتعجيزاً لمن أنزلها ، كما عجزوه في الإعادة بعد الموت . { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } أي : مؤلم لأبدانهم وقلوبهم .