Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 103-103)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : فإذا فرغتم من صلاتكم ، صلاة الخوف وغيرها ، فاذكروا الله في جميع أحوالكم وهيئاتكم ، ولكن خصت صلاة الخوف بذلك لفوائد . منها : أن القلب صلاحه وفلاحه وسعادته ، بالإنابة إلى الله تعالى في المحبة وامتلاء القلب من ذكره والثناء عليه . وأعظم ما يحصل به هذا المقصود الصلاة ، التي حقيقتها أنها صلة بين العبد وبين ربه . ومنها : أن فيها من حقائق الإيمان ومعارف الإيقان ، ما أوجب أن يفرضها الله على عباده كل يوم وليلة . ومن المعلوم أن صلاة الخوف لا تحصل فيها هذه المقاصد الحميدة بسبب اشتغال القلب والبدن والخوف فأمر بجبرها بالذكر بعدها . ومنها : أن الخوف يوجب من قلق القلب وخوفه ما هو مظنة لضعفه ، وإذا ضعف القلب ضعف البدن عن مقاومة العدو ، والذكر لله والإكثار منه من أعظم مقويات القلب . ومنها : أن الذكر لله تعالى مع الصبر والثبات سبب للفلاح والظفر بالأعداء ، كما قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } [ الأنفال : 45 ] . فأمر بالإكثار منه في هذه الحال إلى غير ذلك من الحِكَم . وقوله : { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } أي : إذا أمنتم من الخوف ، واطمأنت قلوبكم وأبدانكم ، فأتموا صلاتكم على الوجه الأكمل ، ظاهراً وباطناً ، بأركانها وشروطها ، وخشوعها ، وسائر مكملاتها . { إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً } أي : مفروضاً في وقته ، فدل ذلك على فرضيتها ، وأن لها وقتاً لا تصح إلا به ، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين ، صغيرهم وكبيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : " صلُوا كما رأيتموني أُصلي " . ودل قوله : { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } على أن الصلاة ميزان الإيمان ، وعلى حسب إيمان العبد تكون صلاته ، وتتم وتكمل ، ويدل ذلك على أن الكفار وإن كانوا ملتزمين لأحكام المسلمين كأهل الذمة - أنهم لا يخاطبون بفروع الدين كالصلاة ، ولا يؤمرون بها ، بل ولا تصح منهم ما داموا على كفرهم ، وإن كانوا يعاقبون عليها ، وعلى سائر الأحكام في الآخرة .