Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 15-16)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : النساء { ٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ } أي : الزنا ، ووصفها بالفاحشة لشناعتها وقبحها . { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ } أي : من رجالكم المؤمنين العدول . { فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ } أي : احبسوهن عن الخروج الموجب للريبة . وأيضاً فإن الحبس من جملة العقوبات { حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ } أي : هذا منتهى الحبس . { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } أي : طريقاً غير الحبس في البيوت ، وهذه الآية ليست منسوخة ، وإنما هي مغياة إلى ذلك الوقت ، فكان الأمر في أول الإسلام كذلك ، حتى جعل الله لهن سبيلاً ، وهو رجم المحصن وجلد غير المحصن . { وَ } كذلك { ٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا } أي : الفاحشة { مِنكُمْ } من الرجال والنساء { فَآذُوهُمَا } بالقول والتوبيخ والتعيير ، والضرب الرادع عن هذه الفاحشة ، فعلى هذا يكون الرجال إذا فعلوا الفاحشة يؤذون ، والنساء يحبسن ويؤذين . فالحبس غايته إلى الموت ، والأذية نهايتها إلى التوبة والإصلاح ، ولهذا قال : { فَإِن تَابَا } أي : رجعا عن الذنب الذي فعلاه وندما عليه ، وعزما على أن لا يعودا { وَأَصْلَحَا } العمل الدال على صدق التوبة { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ } أي : عن أذاهما { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً } أي : كثير التوبة على المذنبين الخطائين ، عظيم الرحمة والإحسان ، الذي - من إحسانه - وفقهم للتوبة وقبلها منهم ، وسامحهم عن ما صدر منهم . ويؤخذ من هاتين الآيتين أن بينة الزنا ، لا بد أن تكون أربعة رجال مؤمنين ، ومن باب أولى وأحرى اشتراط عدالتهم لأن الله تعالى شدد في أمر هذه الفاحشة ، ستراً لعباده ، حتى إنه لا يقبل فيها النساء منفردات ، ولا مع الرجال ، ولا ما دون أربعة . ولا بد من التصريح بالشهادة ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، وتومئ إليه هذه الآية لما قال : { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ } . لم يكتف بذلك حتى قال : { فَإِن شَهِدُواْ } أي : لا بد من شهادة صريحة عن أمر يشاهد عياناً ، من غير تعريض ولا كناية . ويؤخذ منهما أن الأذية بالقول والفعل والحبس ، قد شرعه الله تعزيراً لجنس المعصية الذي يحصل به الزجر .