Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 1-3)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن كتابه العظيم ، بأنه صادر ومنزل من الله المألوه المعبود ، لكماله وانفراده بأفعاله ، { ٱلْعَزِيزِ } الذي قهر بعزته كل مخلوق ، { ٱلْعَلِيمِ } بكل شيء . { غَافِرِ ٱلذَّنبِ } للمذنبين { وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } من التائبين ، { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } على مَنْ تجرأ على الذنوب ولم يتب منها ، { ذِي ٱلطَّوْلِ } أي : التفضل والإحسان الشامل . فلما قرر ما قرر من كماله ، وكان ذلك موجباً لأن يكون وحده المألوه الذي تخلص له الأعمال ، قال : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } . ووجه المناسبة بذكر نزول القرآن من الله ، الموصوف بهذه الأوصاف ، أن هذه الأوصاف مستلزمة لجميع ما يشتمل عليه القرآن من المعاني . فإن القرآن : إما إخبار عن أسماء الله وصفاته وأفعاله ، وهذه أسماء وأوصاف وأفعال . وإما إخبار عن الغيوب الماضية والمستقبلة ، فهي من تعليم العليم لعباده . وإما إخبار عن نِعَمِهِ العظيمة ، وآلائه الجسيمة ، وما يوصل إلى ذلك من الأوامر ، فذلك يدل عليه قوله : { ذِي ٱلطَّوْلِ } . وإما إخبار عن نِقَمِهِ الشديدة ، وعما يوجبها ويقتضيها من المعاصي ، فذلك يدل عليه قوله : { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } . وإما دعوة للمذنبين إلى التوبة والإنابة ، والاستغفار ، فذلك يدل عليه قوله : { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } . وإما إخبار بأنه وحده المألوه المعبود ، وإقامة الأدلة العقلية والنقلية على ذلك ، والحث عليه ، والنهي عن عبادة ما سوى الله ، وإقامة الأدلة العقلية والنقلية على فسادها ، والترهيب منها ، فذلك يدل عليه قوله تعالى : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } . وإما إخبار عن حكمه الجزائي العدل ، وثواب المحسنين ، وعقاب العاصين ، فهذا يدل عليه قوله : { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } . فهذا جميع ما يشتمل عليه القرآن من المطالب العاليات .