Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 82-85)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يحث تعالى المكذبين لرسولهم على السير في الأرض بأبدانهم وقلوبهم وسؤال العالمين . { فَيَنظُرُواْ } نظر فكر واستدلال ، لا نظر غفلة وإهمال . { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من الأمم السالفة ، كعاد وثمود وغيرهم ، ممن كانوا أعظم منهم قوة وأكثر أموالاً وأشد آثاراً في الأرض من الأبنية الحصينة ، والغراس الأنيقة ، والزروع الكثيرة { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } حين جاءهم أمر الله ، فلم تغن عنهم قوتهم ، ولا افتدوا بأموالهم ، ولا تحصنوا بحصونهم . ثم ذكر جرمهم الكبير فقال : { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } من الكتب الإلهية ، والخوارق العظيمة ، والعلم النافع المبين ، للهدي من الضلال ، والحق من الباطل { فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } المناقض لدين الرسل . ومن المعلوم ، أن فرحهم به يدل على شدة رضاهم به وتمسكهم ، ومعاداة الحق الذي جاءت به الرسل ، وجعل باطلهم حقاً ، وهذا عام لجميع العلوم التي نوقض بها ما جاءت به الرسل ، ومن أحقها بالدخول في هذا ، علوم الفلسفة ، والمنطق اليوناني ، الذي رُدَّت به كثير من آيات القرآن ، ونقصت قدره في القلوب ، وجعلت أدلته اليقينية القاطعة أدلة لفظية لا تفيد شيئاً من اليقين ، ويقدم عليها عقول أهل السفه والباطل ، وهذا من أعظم الإلحاد في آيات الله والمعارضة لها والمناقضة فالله المستعان . { وَحَاقَ بِهِم } أي : نزل { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } من العذاب . { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي : عذابنا ، أقروا حيث لا ينفعهم الإقرار { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } من الأصنام والأوثان ، وتبرأنا من كل ما خالف الرسل من علم أو عمل . { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي : في تلك الحال ، وهذه { سُنَّتَ ٱللَّهِ } وعادته { ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } أن المكذبين حين ينزل بهم بأس الله وعقابه إذا آمنوا ، كان إيمانهم غير صحيح ، ولا منجياً لهم من العذاب ، وذلك لأنه إيمان ضرورة قد اضطروا إليه ، وإيمان مشاهدة ، وإنما الإيمان النافع الذي ينجي صاحبه ، هو الإيمان الاختياري ، الذي يكون إيماناً بالغيب ، وذلك قبل وجود قرائن العذاب . { وَخَسِرَ هُنَالِكَ } أي : وقت الإهلاك وإذاقة البأس { ٱلْكَافِرُونَ } دينهم ودنياهم وأخراهم ، ولا يكفي مجرد الخسارة في تلك الدار ، بل لا بد من خسران يشقي في العذاب الشديد ، والخلود فيه ، دائماً أبداً .