Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 49-51)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا إخبار عن طبيعة الإنسان من حيث هو ، وعدم صبره وجلده ، لا على الخير ولا على الشر ، إلاّ مَنْ نقله الله من هذه الحال إلى حال الكمال ، فقال : { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ } أي : لا يمل دائماً من دعاء الله ، في الغنى والمال والولد ، وغير ذلك من مطالب الدنيا ، ولا يزال يعمل على ذلك ، ولا يقتنع بقليل ولا كثير منها ، فلو حصل له من الدنيا ما حصل ، لم يزل طالباً للزيادة . { وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ } أي : المكروه ، كالمرض والفقر وأنواع البلايا { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } أي : ييأس من رحمة الله تعالى ، ويظن أن هذا البلاء هو القاضي عليه بالهلاك ، ويتشوش من إتيان الأسباب على غير ما يحب ويطلب . إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فإنهم إذا أصابهم الخير والنعمة والمحاب ، شكروا الله تعالى ، وخافوا أن تكون نِعَم الله عليهم استدراجاً وإمهالاً ، وإن أصابتهم مصيبة في أنفسهم وأموالهم وأولادهم صبروا ، ورجوا فضل ربهم ، فلم ييأسوا . ثم قال تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ } أي : الإنسان الذي يسأم من دعاء الخير ، وإن مسه الشر فيئوس قنوط { رَحْمَةً مِّنَّا } أي : بعد ذلك الشر الذي أصابه ، بأن عافاه الله من مرضه ، أو أغناه من فقره ، فإنه لا يشكر الله تعالى ، بل يبغى ويطغى ، ويقول : { هَـٰذَا لِي } أي : أتاني لأني له أهلٌ وأنا مستحق له { لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً } وهذا إنكار منه للبعث ، وكفرٌ للنعمة والرحمة ، التي أذاقها الله له . { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } أي : على تقدير إتيان الساعة ، وأني سأرجع إلى ربي ، إن لي عنده للحسنى ، فكما حصلت لي النعمة في الدنيا ، فإنها ستحصل [ لي ] في الآخرة وهذا من أعظم الجراءة والقول على الله بلا علم ، فلهذا توعده بقوله : { فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي : شديد جداً . { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ } بصحة أو رزق ، أو غيرهما ، { أَعْرَضَ } عن ربه وعن شكره { وَنَأَى } ترّفع { بِجَانِبِهِ } عجباً وتكبراً . { مَسَّهُ ٱلشَّرُّ } أي : المرض ، أو الفقر ، أو غيرهما { فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ } أي : كثير جداً ، لعدم صبره ، فلا صبر في الضراء ، ولا شكر في الرخاء ، إلاّ مَنْ هداه الله ومنَّ عليه .