Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 40-45)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، مسلياً له عن امتناع المكذبين عن الاستجابة له ، وأنهم لا خير فيهم ، ولا فيهم زكاء يدعوهم إلى الهدى : { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } أي : الذين لا يسمعون { أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ } الذين لا يبصرون ، أو تهدي { وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي : بَيِّنٌ واضح ، لعلمه بضلاله ، ورضاه به . فكما أن الأصم لا يسمع الأصوات ، والأعمى لا يبصر ، والضال ضلالاً مبيناً لا يهتدي ، فهؤلاء قد فسدت فطرهم وعقولهم ، بإعراضهم عن الذكر ، واستحدثوا عقائد فاسدة ، وصفات خبيثة ، تمنعهم وتحول بينهم وبين الهدى ، وتوجب لهم الازدياد من الردى ، فهؤلاء لم يبق إلا عذابهم ونكالهم ، إما في الدنيا ، أو في الآخرة ، ولهذا قال تعالى : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } أي : فإن ذهبنا بك قبل أن نريك ما نعدهم من العذاب ، فاعلم بخبرنا الصادق أنَّا منهم منتقمون . { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ } من العذاب { فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } ولكن ذلك متوقف على اقتضاء الحكمة لتعجيله أو تأخيره ، فهذه حالك وحال هؤلاء المكذبين . وأما أنت { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ } فعلاً واتصافاً ، بما يأمر بالاتصاف به ودعوة إليه ، وحرصاً على تنفيذه في نفسك وفي غيرك . { إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } موصل إلى الله وإلى دار كرامته ، وهذا مما يوجب عليك زيادة التمسك به ، والاهتداء إذا علمت أنه حق وعدل وصدق ، تكون بانياً على أصل أصيل ، إذا بنى غيرك على الشكوك والأوهام ، والظلم والجور . { وَإِنَّهُ } أي : هذا القرآن الكريم { لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } أي : فخر لكم ، ومنقبة جليلة ، ونعمة لا يقادر قدرها ، ولا يعرف وصفها ، ويذكركم أيضاً ما فيه الخير الدنيوي والأخروي ، ويحثكم عليه ، ويذكركم الشر ويرهبكم عنه ، { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } عنه ، هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم ، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم ، وكفراً منكم بهذه النعمة ؟ { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } حتى يكون للمشركين نوع حجة ، يتبعون فيها أحداً من الرسل ، فإنك لو سألتهم واستخبرتهم عن أحوالهم ، لم تجد أحداً منهم يدعو إلى اتخاذ إله آخر مع الله مع أن كل الرسل ، من أولهم إلى آخرهم ، يدعون إلى عبادة الله ، وحده لا شريك له . قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] وكل رسول بعثه الله ، يقول لقومه : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، فدل هذا ، أن المشركين ليس لهم مستند في شركهم ، لا من عقل صحيح ، ولا نقل عن الرسل .