Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 9-14)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن المشركين ، أنك لو { سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ } الله وحده لا شريك له ، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات ، العليم بظواهر الأمور وبواطنها ، وأوائلها وأواخرها ، فإذا كانوا مقرين بذلك ، فكيف يجعلون له الولد والصاحبة والشريك ؟ ! وكيف يشركون به مَنْ لا يخلق ولا يرزق ، ولا يُميت ولا يُحيي ؟ ! ثم ذكر أيضاً من الأدلة الدالة على كمال نعمته واقتداره ، بما خلقه لعباده من الأرض التي مهدها وجعلها قراراً للعباد ، يتمكنون فيها من كل ما يريدون . { وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } أي : جعل منافذ بين سلاسل الجبال المتصلة ، تنفذون منها إلى ما وراءها من الأقطار . { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } في السير في الطرق ولا تضيعون ، ولعلكم تهتدون أيضاً في الاعتبار بذلك والادكار فيه . { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } لا يزيد ولا ينقص ، ويكون أيضاً بمقدار الحاجة ، لا ينقص بحيث لا يكون فيه نفع ، ولا يزيد بحيث يضر العباد والبلاد ، بل أغاث به العباد ، وأنقذ به البلاد من الشدة ، ولهذا قال : { فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } أي : أحييناها بعد موتها ، { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } أي : فكما أحيا الأرض الميتة الهامدة بالماء ، كذلك يحييكم بعد ما تستكملون في البرزخ ، ليجازيكم بأعمالكم . { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا } أي : الأصناف جميعها ، مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ، من ليل ونهار ، وحر وبرد ، وذكر وأنثى ، وغير ذلك . { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ } أي : السفن البحرية ، الشراعية والنارية ، مَا تَرْكَبُونَ { وَ } من { ٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } وهذا شامل لظهور الفلك ولظهور الأنعام ، أي : لتستقروا عليها ، { ثُمَ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } بالاعتراف بالنعمة لمن سخرها ، والثناء عليه تعالى بذلك ، ولهذا قال : { وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } أي : لولا تسخيره لنا ما سخّر من الفلك ، والأنعام ، ما كنا مطيقين لذلك وقادرين عليه ، ولكن من لطفه وكرمه تعالى ، سخرها وذللها ويسر أسبابها . والمقصود من هذا ، بيان أن الرب الموصوف بما ذكره ، من إفاضة النعم على العباد ، هو الذي يستحق أن يعبد ، ويصلى له ويسجد .