Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 51-59)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا جزاء المتقين لله الذين اتقوا سخطه وعذابه ، بتركهم المعاصي ، وفعلهم الطاعات ، فلما انتفى السخط عنهم والعذاب ، ثبت لهم الرضا من الله ، والثواب العظيم ، في ظل ظليل ، من كثرة الأشجار والفواكه ، وعيون سارحةٍ ، تجري من تحتهم الأنهار ، يفجرونها تفجيراً في جنات النعيم . فأضاف الجنات إلى النعيم ، لأن كل ما اشتملت عليه كله نعيم وسرور ، كامل من كل وجه ، ما فيه منغص ولا مكدر بوجه من الوجوه . ولباسهم من الحرير الأخضر من السندس والإستبرق ، أي : غليظ الحرير ورقيقه ، مما تشتهيه أنفسهم ، { مُّتَقَابِلِينَ } في قلوبهم ووجوههم في كمال الراحة ، والطمأنينة ، والمحبة ، والعشرة الحسنة ، والآداب المستحسنة . { كَذَلِكَ } النعيم التام والسرور الكامل { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } أي : نساء جميلات ، من جمالهن وحسنهن أنه يحار الطرف في حسنهن ، وينبهر العقل بجمالهن ، وينخلب اللب لكمالهن ، { عِينٍ } أي : ضخام الأعين حسانها . { يَدْعُونَ فِيهَا } أي : الجنة { بِكلِّ فَاكِهَةٍ } مما له اسم في الدنيا ، ومما لا يوجد له اسم ، ولا نظير في الدنيا ، فمهما طلبوه من أنواع الفاكهة وأجناسها ، أحضر لهم في الحال ، من غير تعب ولا كلفة ، { آمِنِينَ } من انقطاع ذلك ، وآمنين من مضرته ، وآمنين من كل مكدر ، وآمنين من الخروج منها والموت ، ولهذا قال : { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } أي : ليس فيها موت بالكلية ، ولو كان فيها موت يستثنى ، لم يستثن الموتة الأولى ، التي هي الموتة في الدنيا ، فتم لهم كل محبوب مطلوب ، { وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ * فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ } أي : حصول النعيم واندفاع العذاب عنهم ، من فضل الله عليهم وكرمه ، فإنه تعالى هو الذي وفقهم للأعمال الصالحة ، التي بها نالوا خير الآخرة ، وأعطاهم أيضاً ما لم تبلغه أعمالهم ، { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } وأي فوز أعظم من نيل رضوان الله وجنته ، والسلامة من عذابه وسخطه ؟ { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ } أي : القرآن { بِلِسَانِكَ } أي : سهلناه بلسانك الذي هو أفصح الألسنة على الإطلاق وأجلها ، فتيسر به لفظه ، وتيسر معناه . { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ما فيه نفعهم فيفعلونه ، وما فيه ضررهم فيتركونه . { فَٱرْتَقِبْ } أي : انتظر ما وعدك ربك من الخير والنصر ، { إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ } ما يحل بهم من العذاب ، وفرق بين الارتقابين : رسول الله وأتباعه يرتقبون الخير في الدينا والآخرة ، وضدهم يرتقبون الشر في الدنيا والآخرة .