Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 21-26)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ } إلى آخر القصة أي : { وَٱذْكُرْ } بالثناء الجميل { أَخَا عَادٍ } وهو هود عليه السلام ، حيث كان من الرسل الكرام ، الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة إلى دينه ، وإرشاد الخلق إليه . { إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ } وهم عاد { بِٱلأَحْقَافِ } أي : في منازلهم المعروفة بالأحقاف ، وهي : الرمال الكثيرة في أرض اليمن . { وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } فلم يكن بدعاً منهم ولا مخالفاً لهم ، قائلاً لهم : { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } . فأمرهم بعبادة الله ، الجامعة لكل قولٍ سديد وعمل حميد ، ونهاهم عن الشرك والتنديد ، وخوّفهم - إن لم يطيعوه - العذاب الشديد ، فلم تفد فيهم تلك الدعوة . { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا } أي : ليس لك من القصد ، ولا معك من الحق ، إلا أنك حسدتنا على آلهتنا ، فأردت أن تصرفنا عنها . { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } وهذا غاية الجهل والعناد . { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ } فهو الذي بيده أزمة الأمور ومقاليدها ، وهو الذي يأتيكم بالعذاب إن شاء . { وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ } أي : ليس عليَّ إلا البلاغ المبين ، { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } فلذلك صدر منكم ما صدر من هذه الجرأة الشديدة ، فأرسل الله عليهم العذاب العظيم ، وهو الريح التي دمرتهم وأهلكتهم ، ولهذا قال : { فَلَمَّا رَأَوْهُ } أي : العذاب { عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي : معترضاً كالسحاب ، قد أقبل على أوديتهم التي تسيل ، فتسقي نوابتهم ، ويشربون من آبارها وغُدْرانها . { قَالُواْ } مستبشرين : { هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } أي : هذا السحاب سيمطرنا . قال تعالى : { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ } أي : هذا الذي جنيتم به على أنفسكم ، حيث قلتم : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ } تمر عليه من شدتها ونحسها . فسلطها الله عليهم { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [ الحاقة : 7 ] [ { بِأَمْرِ رَبِّهَا } أي : بإذنه ومشيئته ] . { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } قد تلفت مواشيهم وأموالهم وأنفسهم . { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } بسبب جرمهم وظلمهم ، هذا مع أن الله تعالى قد أدَّر عليهم النعم العظيمة ، فلم يشكروه ، ولا ذكروه ، ولهذا قال : { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ } أي : مكناهم في الأرض يتناولون طيباتها ، ويتمتعون بشهواتها ، وعمرناهم عمراً ، يتذكر فيه من تذكر ، ويتعظ فيه المهتدي ، أي : ولقد مكنا عاداً كما مكناكم يا هؤلاء المخاطبون ، أي : فلا تحسبوا أن ما مكناكم فيه مختص بكم ، وأنه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئاً ، بل غيركم أعظم منكم تمكيناً ، فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم ولا جنودهم من الله شيئاً . { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً } أي : لا قصور في أسماعهم ولا أبصارهم ولا أذهانهم ، حتى يقال إنهم تركوا الحق جهلاً منهم ، وعدم تمكن من العلم به ، ولا خلل في عقولهم ، ولكن التوفيق بيد الله . { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ } لا قليل ولا كثير ، وذلك بسبب أنهم { يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } الدالة على توحيده وإفراده بالعبادة . { وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي : نزل بهم العذاب الذي يكذبون بوقوعه ، ويستهزؤون بالرسل الذين حذروهم منه .