Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 29-32)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كان الله تعالى قد أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الخلق ، إنسهم وجنهم ، وكان لا بد من إبلاغ الجميع لدعوة النبوة والرسالة . فالإنس ، يمكنه عليه الصلاة والسلام دعوتهم وإنذارهم ، وأما الجن ، فصرفهم الله إليه بقدرته ، وأرسل إليه { نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ } أي : وصَّى بعضهم بعضاً بذلك ، { فَلَمَّا قُضِيَ } وقد وعوه ، وأثَّر ذلك فيهم { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } نصحاً منهم لهم ، وإقامة لحجة الله عليهم ، وقيضهم الله معونة لرسوله صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته في الجن . { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } لأن كتاب موسى أصل للإنجيل ، وعمدة لبني إسرائيل في أحكام الشرع ، وإنما الإنجيل متمم ومكمل ومغير لبعض الأحكام . { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ } هذا الكتاب الذي سمعناه { إِلَى ٱلْحَقِّ } وهو الصواب في كل مطلوب وخبر ، { وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } موصل إلى الله ، وإلى جنته ، من العلم بالله ، وبأحكامه الدينية ، وأحكام الجزاء . فلما مدحوا القرآن وبينوا محله ومرتبته ، دعوهم إلى الإيمان به ، فقالوا : { يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ } أي : الذي لا يدعو إلا إلى ربه ، لا يدعوكم إلى غرض من أغراضه ولا هوى ، وإنما يدعوكم إلى ربكم ، ليثيبكم ، ويزيل عنكم كل شر ومكروه ، ولهذا قالوا : { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } وإذا أجارهم من العذاب الأليم ، فما ثمَّ بعد ذلك إلا النعيم ، فهذا جزاء من أجاب داعي الله . { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ } فإن الله على كل شيء قدير ، فلا يفوته هارب ، ولا يغالبه مغالب . { وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وأيُّ ضلال أبلغ من ضلال من نادته الرسل ، ووصلت إليه النذر بالآيات البينات ، والحجج المتواترات ، فأعرض واستكبر ؟ ! !