Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 34-35)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن حال الكفار الفظيعة عند عرضهم على النار التي كانوا يكذبون بها ، وأنهم يوبخون ، ويقال لهم : { أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ } فقد حضرتموه وشاهدتموه عياناً ؟ { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا } فاعترفوا بذنبهم وتبين كذبهم { قَالَ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } أي : عذاباً لازماً دائماً ، كما كان كفركم صفة لازمة . ثم أمر تعالى رسوله أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له ، وأن لا يزال داعياً لهم إلى الله ، وأن يقتدي بصبر أولي العزم من المرسلين ، سادات الخلق ، أولي العزائم والهمم العالية ، الذين عظم صبرهم ، وتم يقينهم ، فهم أحق الخلق بالأسوة بهم ، والقفو لآثارهم ، والاهتداء بمنارهم . فامتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه ، فصبر صبراً لم يصبره نبي قبله ، حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة ، وقاموا جميعاً بصده عن الدعوة إلى الله ، وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة ، وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعاً بأمر الله ، مقيماً على جهاد أعداء الله ، صابراً على ما يناله من الأذى ، حتى مكَّن الله له في الأرض ، وأظهر دينه على سائر الأديان ، وأمته على الأمم ، فصلى الله عليه وسلم تسليماً . وقوله : { وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ } أي : لهؤلاء المكذبين المستعجلين للعذاب ، فإن هذا من جهلهم وحمقهم ، فلا يَسْتَخِفُنَّك بجهلهم ، ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على أن تدعو الله عليهم بذلك ، فإن كل ما هو آت قريب ، و { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ } في الدنيا { إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ } فلا يحزنك تمتعهم القليل وهم صائرون إلى العذاب الوبيل . { بَلاَغٌ } أي : هذه الدنيا ، متاعها وشهوتها ولذاتها بلغة منغصة ، ودفع وقت حاضر قليل . أو هذا القرآن العظيم ، الذي بيَّنَّا لكم فيه البيان التام ، بلاغ لكم ، وزاد إلى الدار الآخرة ، ونعم الزاد والبلغة ، زاد يوصل إلى دار النعيم ، ويعصم من العذاب الأليم ، فهو أفضل زاد يتزوده الخلائق ، وأجلّ نعمة أنعم الله بها عليهم . { فَهَلْ يُهْلَكُ } بالعقوبات { إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ } أي : الذين لا خير فيهم ، وقد خرجوا عن طاعة ربهم ، ولم يقبلوا الحق الذي جاءتهم به الرسل . وأعذر الله لهم وأنذرهم ، فبعد ذلك إذ يستمرون على تكذيبهم وكفرهم ، نسأل الله العصمة .