Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 24-25)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ممتناً على عباده بالعافية ، من شر الكفار ومن قتالهم ، فقال : { وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ } أي : أهل مكة { عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } أي : من بعد ما قدرتم عليهم ، وصاروا تحت ولايتكم بلا عقد ولا عهد ، وهم نحو ثمانين رجلاً ، انحدروا على المسلمين ليصيبوا منهم غرة ، فوجدوا المسلمين منتبهين فأمسكوهم ، فتركوهم ولم يقتلوهم ، رحمة من الله بالمؤمنين إذ لم يقتلوهم ، { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } فيجازي كل عامل بعمله ، ويدبركم أيها المؤمنون بتدبيره الحسن . ثم ذكر تعالى الأمور المهيجة على قتال المشركين ، وهي كفرهم بالله ورسوله ، وصدهم رسول الله ومن معه من المؤمنين ، أن يأتوا للبيت الحرام زائرين معظمين له بالحج والعمرة ، وهم الذين أيضاً صدوا { ٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً } أي : محبوساً { أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } وهو محل ذبحه وهو مكة ، فمنعوه من الوصول إليه ظلماً وعدواناً ، وكل هذه أمور موجبة وداعية إلى قتالهم ، ولكن ثمَّ مانع وهو : وجود رجال ونساء من أهل الإيمان بين أظهر المشركين ، وليسوا متميزين بمحلة أو مكان يمكن أن لا ينالهم أذى ، فلولا هؤلاء الرجال المؤمنون ، والنساء المؤمنات ، الذين لا يعلمهم المسلمون أن تطؤوهم ، أي : خشية أن تطؤوهم { فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ } والمعرة : ما يدخل تحت قتالهم ، من نيلهم بالأذى والمكروه ، وفائدة أخروية ، وهو : أنه ليدخل في رحمته من يشاء فيَمُنُّ عليهم بالإيمان بعد الكفر ، وبالهدى بعد الضلال ، فيمنعكم من قتالهم لهذا السبب . { لَوْ تَزَيَّلُواْ } أي : لو زالوا من بين أظهرهم { لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } بأن نبيح لكم قتالهم ، ونأذن فيه ، وننصركم عليهم .