Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 4-6)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن مِنَّتِهِ على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم ، وهي السكون والطمأنينة ، والثبات عند نزول المحن المقلقة ، والأمور الصعبة ، التي تشوش القلوب ، وتزعج الألباب ، وتضعف النفوس ، فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه ، وينزل عليه السكينة ، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة ، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال ، فيزداد بذلك إيمانه ، ويتم إيقانه ، فالصحابة رضي الله عنهم لما جرى ما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين ، من تلك الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم ، وحط من أقدارهم ، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس ، فلما صبروا عليها ووطَّنوا أنفسهم لها ، ازدادوا بذلك إيماناً مع إيمانهم . وقوله : { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : جميعها في ملكه ، وتحت تدبيره وقهره ، فلا يظن المشركون أن الله لا ينصر دينه ونبيه ، ولكنه تعالى عليم حكيم ، فتقتضي حكمته المداولة بين الناس في الأيام ، وتأخير نصر المؤمنين إلى وقت آخر . { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } فهذا أعظم ما يحصل للمؤمنين ، أن يحصل لهم المرغوب المطلوب بدخول الجنات ، ويزيل عنهم المحذور بتكفير السيئات . { وَكَانَ ذَلِكَ } الجزاء المذكور للمؤمنين { عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً } فهذا ما يفعل بالمؤمنين في ذلك الفتح المبين . وأما المنافقون والمنافقات ، والمشركون والمشركات ، فإن الله يعذبهم بذلك ، ويريهم ما يسوؤهم حيث كان مقصودهم خذلان المؤمنين ، وظنوا بالله الظن السوء ، أنه لا ينصر دينه ، ولا يُعلي كلمته ، وأن أهل الباطل ، ستكون لهم الدائرة على أهل الحق ، فأدار الله عليهم ظنهم ، وكانت دائرة السوء عليهم في الدنيا ، { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } بما اقترفوه من المحادَّة لله ولرسوله ، { وَلَعَنَهُمْ } أي : أبعدهم وأقصاهم عن رحمته { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } .