Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 103-104)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا ذم للمشركين الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله ، وحرموا ما أحله الله ، فجعلوا بآرائهم الفاسدة شيئاً من مواشيهم محرماً ، على حسب اصطلاحاتهم التي عارضت ما أنزل الله فقال : { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ } وهي : ناقة يشقون أذنها ، ثم يحرمون ركوبها ويرونها محترمة . { وَلاَ سَآئِبَةٍ } وهي : ناقة ، أو بقرة ، أو شاة ، إذا بلغت شيئاً اصطلحوا عليه ، سيبوها فلا تركب ولا يحمل عليها ولا تؤكل ، وبعضهم ينذر شيئاً من ماله يجعله سائبة . { وَلاَ حَامٍ } أي : جمل يحمى ظهره عن الركوب والحمل ، إذا وصل إلى حالة معروفة بينهم . فكل هذه مما جعلها المشركون محرمة بغير دليل ولا برهان وإنما ذلك افتراء على الله ، وصادرة من جهلهم وعدم عقلهم ، ولهذا قال : { وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } فلا نقل فيها ولا عقل ، ومع هذا فقد أعجبوا بآرائهم التي بنيت على الجهالة والظلم . فإذا دعوا { إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ } أعرضوا فلم يقبلوا ، و { قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ } من الدين ، ولو كان غير سديد ، ولا ديناً ينجي من عذاب الله . ولو كان في آبائهم كفاية ومعرفة ودراية لهان الأمر . ولكن آباءهم لا يعقلون شيئاً ، أي : ليس عندهم من المعقول شيء ، ولا من العلم والهدى شيء . فتباً لمن قلَّد مَن لا علم عنده صحيح ، ولا عقل رجيح ، وترك اتباع ما أنزل الله ، واتباع رسله الذي يملأ القلوب علماً وإيماناً وهدى وإيقاناً .