Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 1-1)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود ، أي : بإكمالها ، وإتمامها ، وعدم نقضها ونقصها . وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه ، من التزام عبوديته ، والقيام بها أتم قيام ، وعدم الانتقاص من حقوقها شيئاً ، والتي بينه وبين الرسول بطاعته واتباعه ، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب ، ببرهم وصلتهم ، وعدم قطيعتهم . والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر ، واليسر والعسر ، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات ، كالبيع والإجارة ، ونحوهما ، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها ، بل والقيام بحقوق المسلمين التي عقدها الله بينهم في قوله : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [ الحجرات : 10 ] بالتناصر على الحق ، والتعاون عليه والتآلف بين المسلمين وعدم التقاطع . فهذا الأمر شامل لأصول الدين وفروعه ، فكلها داخلة في العقود التي أمر الله بالقيام بها . ثم قال ممتناً على عباده : { أُحِلَّتْ لَكُمْ } أي : لأجلكم ، رحمة بكم { بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ } من الإبل والبقر والغنم ، بل ربما دخل في ذلك الوحشي منها ، والظباء وحمر الوحش ، ونحوها من الصيود . واستدل بعض الصحابة بهذه الآية على إباحة الجنين الذي يموت في بطن أمه بعدما تذبح . { إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } تحريمه منها في قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ } [ المائدة : 3 ] إلى آخر الآية . فإن هذه المذكورات وإن كانت من بهيمة الأنعام فإنها محرمة . ولما كانت إباحة بهيمة الأنعام عامة في جميع الأحوال والأوقات ، استثنى منها الصيد في حال الإحرام فقال : { غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } أي : أحلت لكم بهيمة الأنعام في كل حال ، إلا حيث كنتم متصفين بأنكم غير محلي الصيد وأنتم حرم ، أي : متجرؤون على قتله في حال الإحرام ، وفي الحرم ، فإن ذلك لا يحل لكم إذا كان صيداً ، كالظباء ونحوه . والصيد هو الحيوان المأكول المتوحش . { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } أي : فمهما أراده تعالى حكم به حكماً موافقاً لحكمته ، كما أمركم بالوفاء بالعقود لحصول مصالحكم ودفع المضار عنكم . وأحل لكم بهيمة الأنعام رحمة بكم ، وحرم عليكم ما استثنى منها من ذوات العوارض ، من الميتة ونحوها ، صوناً لكم واحتراماً ، ومن صيد الإحرام احتراماً للإحرام وإعظاماً .