Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 38-40)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
السارق : هو مَنْ أخذ مال غيره المحترم خفية ، بغير رضاه . وهو من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة الشنيعة ، وهو قطع اليد اليمنى ، كما هو في قراءة بعض الصحابة . وحد اليد عند الإطلاق من الكوع ، فإذا سرق قطعت يده من الكوع ، وحسمت في زيت لتنسد العروق فيقف الدم ، ولكن السنة قيدت عموم هذه الآية من عدة أوجه : منها : الحرز ، فإنه لا بد أن تكون السرقة من حرز ، وحرز كل مال : ما يحفظ به عادة . فلو سرق من غير حرز فلا قطع عليه . ومنها : أنه لا بد أن يكون المسروق نصاباً ، وهو ربع دينار ، أو ثلاثة دراهم ، أو ما يساوي أحدهما ، فلو سرق دون ذلك فلا قطع عليه . ولعل هذا يؤخذ من لفظ السرقة ومعناها ، فإن لفظ " السرقة " أخذ الشيء على وجه لا يمكن الاحتراز منه ، وذلك أن يكون المال محرزاً ، فلو كان غير محرز لم يكن ذلك سرقة شرعية . ومن الحكمة أيضاً أن لا تقطع اليد في الشيء النزر التافه ، فلما كان لا بد من التقدير ، كان التقدير الشرعي مخصصاً للكتاب . والحكمة في قطع اليد في السرقة ، أن ذلك حفظ للأموال ، واحتياط لها ، وليقطع العضو الذي صدرت منه الجناية ، فإن عاد السارق قطعت رجله اليسرى ، فإن عاد ، فقيل : تقطع يده اليسرى ، ثم رجله اليمنى ، وقيل : يحبس حتى يموت . وقوله : { جَزَآءً بِمَا كَسَبَا } أي : ذلك القطع جزاء للسارق بما سرقه من أموال الناس . { نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ } أي : تنكيلاً وترهيباً للسارق ولغيره ، ليرتدع السراق - إذا علموا - أنهم سيقطعون إذا سرقوا . { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي : عَزَّ وحكم فقطع السارق . { فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فيغفر لمن تاب فترك الذنوب ، وأصلح الأعمال والعيوب . وذلك أن لله ملك السماوات والأرض ، يتصرف فيهما بما شاء من التصاريف القدرية والشرعية ، والمغفرة والعقوبة ، بحسب ما اقتضته حكمته ورحمته الواسعة ومغفرته .