Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 1-4)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي : وسيع المعاني عظيمها ، كثير الوجوه كثير البركات ، جزيل المبرات . والمجد : سعة الأوصاف وعظمتها ، وأحق كلام يوصف بهذا ، هذا القرآن ، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين ، الذي حوى من الفصاحة أكملها ، ومن الألفاظ أجزلها ، ومن المعاني أعمها وأحسنها ، وهذا موجب لكمال اتباعه و [ سرعة ] الانقياد له ، وشكر الله على المنّة به . ولكن أكثر الناس لا يقدر نعم الله قدرها ، ولهذا قال تعالى : { بَلْ عَجِبُوۤاْ } أي : المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، { أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ } أي : ينذرهم ما يضرهم ، ويأمرهم بما ينفعهم ، وهو من جنسهم ، يمكنهم التلقي عنه ، ومعرفة أحواله وصدقه . فتعجبوا من أمر لا ينبغي لهم التعجب منه ، بل يتعجب من عقل من تعجب منه . { فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ } الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم ، لا نقص بذكائهم وآرائهم . { هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي : مستغرب ، وهم في هذا الاستغراب بين أمرين : إما صادقون في [ استغرابهم و ] تعجبهم ، فهذا يدلّ على غاية جهلهم ، وضعف عقولهم ، بمنزلة المجنون الذي يستغرب كلام العاقل ، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان ، وبمنزلة البخيل الذي يستغرب سخاء أهل السخاء ، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه إلا دليل على زيادة ظلمه وجهله ؟ وإما أن يكونوا متعجبين ، على وجه يعلمون خطأهم فيه ، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه . ثم ذكر وجه تعجبهم ، فقال : { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } فقاسوا قدرة من هو على كل شيء قدير ، الكامل من كل وجه ، بقدرة العبد الفقير العاجز من جميع الوجوه ، وقاسوا الجاهل الذي لا علم له ، بمن هو بكل شيء عليم ، الذي يعلم ما تنقص الأرض من أجسادهم مدة مقامهم في برزخهم ، وقد أحصى في كتابه الذي هو عنده محفوظ عن التغيير والتبديل ، كل ما يجري عليهم في حياتهم ومماتهم ، وهذا استدلالً بكمال علمه ، وسعته التي لا يحيط بها إلا هو ، على قدرته على إحياء الموتى .