Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 21-28)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا من تمام نعيم أهل الجنة ، أن ألحق الله [ بهم ] ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان أي : الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم ، فصارت الذرية تبعاً لهم بالإيمان ، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم ، فهؤلاء المذكورون ، يلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها ، جزاءً لآبائهم ، وزيادةً في ثوابهم ، ومع ذلك ، لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئاً ، ولما كان ربما توهم متوهم أن أهل النار كذلك ، يلحق الله بهم أبناءهم وذريتهم ، أخبر أنه ليس حكم الدارين حكماً واحداً ، فإن النار دار العدل ، ومن عدله تعالى أن لا يعذب أحداً إلا بذنب ، ولهذا قال : { كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } أي : مرتهن بعمله ، فلا تزر وازرة وزر أخرى ، ولا يحمل على أحد ذنب أحد . هذا اعتراض من فوائده إزالة الوهم المذكور . وقوله : { وَأَمْدَدْنَاهُم } أي : أمددنا أهل الجنة من فضلنا الواسع ورزقنا العميم ، { بِفَاكِهَةٍ } من العنب والرمان والتفاح ، وأصناف الفواكه اللذيذة الزائدة على ما به يتقوتون ، { وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } من كل ما طلبوه واشتهته أنفسهم ، من لحم الطير وغيرها . { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً } أي : تدور كاسات الرحيق والخمر عليهم ، ويتعاطونها فيما بينهم ، وتطوف عليهم الولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأسٍ { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } أي : ليس في الجنة كلام لغو ، وهو الذي لا فائدة فيه ولا تأثيم ، وهو الذي فيه إثم ومعصية ، وإذا انتفى الأمران ، ثبت الأمر الثالث ، وهو أن كلامهم فيها سلام طيب طاهر ، مسر للنفوس ، مفرح للقلوب ، يتعاشرون أحسن عشرة ، ويتنادمون أطيب المنادمة ، ولا يسمعون من ربهم ، إلا ما يقر أعينهم ، ويدل على رضاه عنهم [ ومحبته لهم ] . { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ } أي : خدم شباب { كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } من حسنهم وبهائهم ، يدورون عليهم بالخدمة وقضاء ما يحتاجون إليه ، وهذا يدل على كثرة نعيمهم وسعته ، وكمال راحتهم . { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } عن أمور الدنيا وأحوالها . { قَالُوۤاْ } في [ ذكر ] بيان الذي أوصلهم إلى ما هم فيه من الحبرة والسرور : { إِنَّا كُنَّا قَبْلُ } أي : في دار الدنيا { فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } أي : خائفين وجلين ، فتركنا من خوفه الذنوب ، وأصلحنا لذلك العيوب . { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } بالهداية والتوفيق ، { وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } أي : العذاب الحار الشديد حره . { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ } أن يقينا عذاب السموم ، ويوصلنا إلى النعيم ، وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة أي : لم نزل نتقرب إليه بأنواع القربات ، وندعوه في سائر الأوقات ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ } فمن برّه بنا ورحمته إيانا ، أنالنا رضاه والجنة ، ووقانا سخطه والنار .