Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 27-30)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني أن المشركين بالله المكذبين لرسله ، الذين لا يؤمنون بالآخرة ، وبسبب عدم إيمانهم بالآخرة تجرؤوا على ما تجرؤوا عليه ، من الأقوال ، والأفعال المحادة لله ولرسوله ، من قولهم : " الملائكة بنات الله " ، فلم ينزهوا ربهم عن الولادة ، ولم يكرموا الملائكة ويجلوهم عن تسميتهم إياهم إناثاً ، والحال أنه ليس لهم بذلك علم ، لا عن الله ، ولا عن رسوله ، ولا دلّت على ذلك الفطر والعقول ، بل العلم كله دال على نقيض قولهم ، وأن الله منزه عن الأولاد والصاحبة ، لأنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ، وأن الملائكة كرام مقربون إلى الله ، قائمون بخدمته { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم : 6 ] والمشركون إنما يتبعون في ذلك القول القبيح ، وهو الظن الذي لا يُغني من الحق شيئاً ، فإن الحق لا بد فيه من اليقين المستفاد من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة . ولما كان هذا دأب هؤلاء المذكورين أنهم لا غرض لهم في اتباع الحق ، وإنما غرضهم ومقصودهم ، ما تهواه نفوسهم ، أمر الله رسوله بالإعراض عمن تولى عن ذكره ، الذي هو الذكر الحكيم ، والقرآن العظيم ، والنبأ الكريم ، فأعرض عن العلوم النافعة ، ولم يرد إلا الحياة الدنيا ، فهذا منتهى إرادته ، ومن المعلوم أن العبد لا يعمل إلا للشيء الذي يريده ، فسعيهم مقصور على الدنيا ولذاتها وشهواتها ، كيف حصلت حصَّلوها ، وبأي : طريق سنحت ابتدروها ، { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } أي : هذا منتهى علمهم وغايته ، وأما المؤمنون بالآخرة ، المصدقون بها ، أولو الألباب والعقول ، فهمتهم وإرادتهم للدار الآخرة ، وعلومهم أفضل العلوم وأجلها ، وهو العلم المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه ، ممن لا يستحق ذلك فيكله إلى نفسه ، ويخذله ، فيضل عن سبيل الله ، ولهذا قال تعالى : { لْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } فيضع فضله حيث يعلم المحل اللائق به .