Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 23-32)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي كذبت ثمود وهم القبيلة المعروفة المشهورة في أرض الحجر ، نبيهم صالحاً عليه السلام ، حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأنذرهم العقاب إن هم خالفوه ، فكذبوه واستكبروا عليه ، وقالوا - كِبْراً وتيهاً - : { أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ } أي : كيف نتبع بشراً ، لا ملكاً منّا ، لا من غيرنا ، ممن هو أكبر عند الناس منّا ، ومع ذلك فهو شخص واحد { إِنَّآ إِذاً } أي : إن اتبعناه وهو بهذه الحال { لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } أي : إنا لضالون أشقياء ، وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم ، فإنهم أنفوا أن يتبعوا رسولاً من البشر ، ولم يأنفوا أن يكونوا عابدين للشجر والحجر والصور { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا } أي : كيف يخصّه الله من بيننا وينزل عليه الذكر ؟ فأي مزية خصّه من بيننا ؟ وهذا اعتراض من المكذبين على الله ، لم يزالوا يدلون به ، ويصولون ويجولون ويردون به دعوة الرسل ، وقد أجاب الله عن هذه الشبهة بقول الرسل لأممهم : { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } [ إبراهيم : 11 ] فالرسل مَنَّ الله عليهم بصفات وأخلاق وكمالات ، بها صلحوا لرسالات ربهم والاختصاص بوحيه ، ومن رحمته وحكمته أن كانوا من البشر ، فلو كانوا من الملائكة لم يمكن البشر أن يتلقوا عنهم ، ولو جعلهم من الملائكة لعَاجَل الله المكذبين لهم بالعقاب العاجل . والمقصود بهذا الكلام الصادر من ثمود لنبيهم صالح ، تكذيبه ، ولهذا حكموا عليه بهذا الحكم الجائر ، فقالوا : { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } أي : كثير الكذب والشر ، فقبحهم الله ما أسفه أحلامهم وأظلمهم ، وأشدهم مقابلة للصادقين الناصحين بالخطاب الشنيع ، لا جرم عاقبهم الله حين اشتد طغيانهم ، فأرسل الله الناقة التي هي من أكبر النعم عليهم ، آية من آيات الله ، ونعمة يحتلبون من ضرعها ما يكفيهم أجمعين ، { فِتْنَةً لَّهُمْ } أي : اختباراً منه لهم وامتحاناً { فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ } أي : اصبر على دعوتك إياهم ، وارتقب ما يحل بهم ، أو ارتقب هل يؤمنون أو يكفرون ؟ { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } أي : وأخبرهم أن الماء أي : موردهم الذي يستعذبونه ، قسمة بينهم وبين الناقة ، لها شرب يوم ولهم شرب يوم آخر معلوم ، { كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } أي : يحضره من كان قسمته ، ويحظر على من ليس بقسمة له . { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ } الذي باشر عقرها ، الذي هو أشقى القبيلة { فَتَعَاطَىٰ } أي : انقاد لما أمروه به من عقرها { فَعَقَرَ } { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } كان أشد عذاب ، أرسل الله عليهم صيحة ورجفة أهلكتهم عن آخرهم ، ونجى الله صالحاً ومن آمن معه ، { وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } .