Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 17-26)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } أي : يدور على أهل الجنة للخدمة وقضاء حوائجهم ، ولدان صغار الأسنان ، في غاية الحسن والبهاء ، { لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } [ الطور : 24 ] أي : مستور ، لا يناله ما يغيره ، مخلوقون للبقاء والخلد ، لا يهرمون ولا يتغيرون ، ولا يزيدون على أسنانهم ، ويدورون عليهم بآنية شرابهم { بِأَكْوَابٍ } وهي التي لا عرى لها ، { وَأَبَارِيقَ } الأواني التي لها عرى ، { وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } أي : من خمر لذيذ المشرب ، لا آفة فيها ، { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أي : لا تصدعهم رؤوسهم كما تصدع خمرة الدنيا رأس شاربها . ولا هم عنها ينزفون ، أي : لا تنزف عقولهم ، ولا تذهب أحلامهم منها ، كما يكون لخمر الدنيا . والحاصل : أن جميع ما في الجنة من أنواع النعيم الموجود جنسه في الدنيا ، لا يوجد في الجنة فيه آفة ، كما قال تعالى : { فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } [ محمد : 15 ] وذكر هنا خمر الجنة ، ونفى عنها كل آفة توجد في الدنيا . { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } أي : مهما تخيروا ، وراق في أعينهم ، واشتهته نفوسهم ، من أنواع الفواكه الشهية ، والجنى اللذيذ ، حصل لهم على أكمل وجه وأحسنه ، { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } أي : من كل صنف من الطيور يشتهونه ، ومن أي جنس من لحمه أرادوا ، وإن شاؤوا مشوياً ، أو طبيخاً ، أو غير ذلك . { وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } أي : ولهم حور عين ، والحوراء : التي في عينها كحل وملاحة ، وحسن وبهاء ، والعين : حسان الأعين وضخامها وحسن العين في الأنثى ، من أعظم الأدلة على حسنها وجمالها . { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } أي : كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهي ، المستور عن الأعين والريح والشمس ، الذي يكون لونه من أحسن الألوان ، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه ، فكذلك الحور العين ، لا عيب فيهن [ بوجه ] ، بل هن كاملات الأوصاف ، جميلات النعوت . فكل ما تأملته منها لم تجد فيه إلا ما يسر الخاطر ويروق الناظر ، وذلك النعيم المعد لهم { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فكما حسنت منهم الأعمال ، أحسن الله لهم الجزاء ، ووفر لهم الفوز والنعيم . { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } أي : لا يسمعون في جنات النعيم كلاماً يلغى ، ولا يكون فيه فائدة ، ولا كلاماً يؤثم صاحبه ، { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } أي : إلا كلاماً طيباً ، وذلك لأنها دار الطيبين ، ولا يكون فيها إلا كل طيب ، وهذا دليل على حسن أدب أهل الجنة في خطابهم فيما بينهم ، وأنه أطيب كلام ، وأسره للنفوس ، وأسلمه من كل لغوٍ وإثم ، نسأل الله من فضله .